للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم من ملوك طغوا فينا وما عدلوا … ولم تنل منهم رفقًا مساكنهم

فاستعن بالسمع عن مراهم عظة … فَأَصْبَحُوا لَا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ (١)

فكانت مدّة سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق بالديار المصرية إلى يوم خلع بدمشق ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يومًا، وذلك خارجًا عن مدة خلعه بأخيه الملك المنصور عبد العزيز وهي شهرين وعشرة أيام (٢)؛ ولما قتل الملك الناصر فرج كان له من العُمر نحو ستة وعشرين سنة (٣).

وخلف من الأولاد خمسة صبي (٤) وأربع بنات، وهم: سيدي خليل توفي وهو بثغر الإسكندرية في أثناء دولة الأشرف أينال، ونُقل بعد موته من الإسكندرية، ودفن في الخانقاة البرقوقية؛ وأما البنات فخوند شقرا، وخوند آسية، وخوند زينب، وخوند هاجر.

وكان الملك الناصر فرج شجاعًا، بطلًا مقدامًا، غير أنه كان مسرفًا على نفسه، منهمكًا على شُرب الخمور، وسماع الزمور، وكان عنده كرم زائد مع جهل عظيم، وكان سفاحًا للدماء قتل في أيامه خلقًا لا تُحصى.

وكانت صفته أبيض اللون يميل إلى الصفرة، أشهل العينين، وافر الأنف، نحيف الجسد جدًا، معتدل القامة، مستدير اللحية، أشقر الشعر، عربي الوجه، مهاب الشكل.

ومما أنشأه في أيامه من الأماكن: وهو الجامع الذي بالحوش السلطاني بالقرب من الدهيشة؛ وأنشأ المدرسة التي تجاه باب زويلة التي تسمى الدهيشة؛ والربعين الذي عند جامع الصالح، وله غير ذلك من الآثار بالديار المصرية.

وتوفي في أيامه من العلماء والأعيان جماعة كثيرة، منهم شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني (٥) الشافعي ، وغيره من الأعيان.

وقد انتهت أخبار دولة الملك الناصر فرج بن برقوق، وذلك على سبيل الاختصار من أخباره.


(١) بحر البسيط؛ والبيتان لم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨٢١: "دون الشهرين".
(٣) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨٢١: "نحو من أربع وعشرين سنة".
(٤) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨٢٢: "ثلاثة صبيان"؛ جواهر السلوك ٣٠٩: "أربعة صبية".
(٥) هو عمر بن رسلان بن نصر بن صالح، ت: ٨٠٥ هـ. (انظر: بدائع الزهور ١/ ٢/ ٦٧٣ - ٦٧٥).

<<  <   >  >>