للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ثلث الليل الأول من باب القرافة، ونزل بالملك الظاهر برقوق من باب الدرفيل، وأركبه على هجين، وركب معه الطنبغا الجوباني وبعض مماليك، وتوجهوا من على قبة النصر، ومنها إلى ناحية عجرود، ثم إن أولاد الأمير عيسى بن مهنا شيخ العرب تسلموا الملك الظاهر برقوق، وتوجهوا به إلى نحو الكرك، وتوجه صحبته جماعة من مماليك الطنبغا الجوباني، حتى أوصلوه إلى الكرك، فسجن بها، وكان نائب الكرك يومئذ الأمير حسام الدين الكجكني.

فلما وصل الملك الظاهر برقوق إلى الكرك، أنزله النائب بقلعة الكرك، في مكان يُعرف بقاعة النحاس (١)، فقيد وسجن بها، وقد زال ملكه، فكان كما قيل في المعنى:

عَلَى قَدرِ فَضلِ المَرءِ تَأْتِي خُطُوبُهُ … وَيُعرَفُ عِنْدَ الصَّبرِ فِيمَا يَنُوبُهُ

وَمَنْ قَلَّ فِيْمَا يَتَّقِيهِ اصْطِبَارُهُ … فقد قَلَّ فِيمَا يَرْتَجِيْهِ نَصِيبُهُ (٢)

هذا ما كان من أمر الملك الظاهر برقوق.

وأما ما كان من أمر الملك المنصور أمير حاج والمقر السيفي يلبغا الناصري، فأن السلطان عمل الموكب، وأخلع على من يُذكر من الأمراء، وهم: المقر السيفي بزلار العمري واستقر نائب الشام؛ وأخلع على المقر السيفي كمشبغا الحموي واستقر نائب حلب؛ وأخلع على المقر السيفي سنجق الحسني واستقر نائب طرابلس؛ وأخلع على المقر السيفي قطلوبغا الصفوي واستقر نائب صفد؛ وأخلع على المقر الشهابي أحمد بن المهمندار واستقر نائب حماه؛ وأخلع على الأمير بغاجق السيفي صرغتمش واستقر نائب ملطية؛ ورسم للنواب بأن يتوجهوا إلى محل نيابتهم لأجل عمارة البلاد، فتوجهوا إليها من غير تأخير.

ثم نادوا في القاهرة بأن مماليك الظاهر برقوق لا يُقيم منهم أحد بالقاهرة إلا الذين في خدمة الأمراء، وأي من وجد منهم بعد خروج النواب شنق من غير معاودة، وكرروا النداء بذلك مرات.

ثم إن السلطان عمل الموكب في يوم الإثنين سادس عشرين جمادى الآخر، وأخلع على من يُذكر من الأمراء أرباب الوظائف، وهم: المقر السيفي يلبغا الناصري واستقر أتابك العساكر بالديار المصرية؛ وأخلع على المقر السيفى قرا دمرداش الأحمدي واستقر أمير سلاح؛ وأخلع على المقر الشهابي أحمد بن يلبغا.


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٤٠٩: "الطارمة".
(٢) بحر الطويل؛ البيتان لابن ظفر الصقلي،
(انظر: خريدة القصر - قسم الشام - ٣/ ٥٢؛ وفيات الأعيان ٤/ ٣٩٧)؛ لم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>