للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها: حضر إلى الأبواب الشريفة أمير زاه ابن ملك الكرج، فلما حضر بين يدي السلطان أخبره أنه رأى النبي في المنام، وقال له: "أمضي إلى مصر، وأسلم على يدي خادم الحرمين"، فقال: "ومن خادم الحرمين"، فقال له: "صاحب مصر"، فأسلم بدار العدل بحضرة القضاة، فرسم السلطان للأمير بهادر المنجكي أستادار العالية بأن ينزله في قصر خوند الحجازية بنت الملك الناصر محمد بن قلاون، وكان هذا القصر في رحبة باب العيد.

وفي هذه السنة: كملت عمارة المدرسة الظاهرية البرقوقية التي بين القصرين، فلما كملت نزل السلطان إليها في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأول، ومد بها سماطا عظيما، وملأ الفسقية التي في وسطها سكرا بماء ليمون، وولي في ذلك اليوم الشيخ علائي الدين السيرامي شيخ المدرسة، وأضاف إليه تدريس الحنفية.

وأخلع السلطان في ذلك اليوم على المقر السيفي جركس الخليلي أمير أخور كبير، وكان شاد العمارة، وأخلع على معلم المعلمين شهاب الدين ابن القُولُوني قبانخ، وأركبه فرس بسرج ذهب وكنبوش؛ وأخلع على خمسة وعشرين مملوكا من مماليك جركس الخليلي؛ وأخلع على بقية المهندسين والبنايين كل واحد خلعة، قد نظم شعراء المصر في ذلك عدة مقاطيع، فمنها قول ابن العطار:

قَدْ أَنْشَأَ الظَّاهِرُ السُّلْطَان مَدْرَسَة … فَاقَتْ عَلَى إِرَم فِي سُرْعَةِ العَمَلِ

يَكْفِي الخَلِيلَ بِأَنْ جَاءَتْ لدعوته … صمُّ الجِبَالِ لَها تسعي عَلَى عَجَلٍ (١)

قيل: كانوا يقطعون الأحجار الكبار من الجبل، ويجعلونها على عجل تسحبها الأبقار من الجبل إلى بين القصرين، وهي التي تُسمي الحجارة العجالية.

وقوله أيضا:

قَلْ (٢) لِلْمَلِيكِ الظَّاهِرِ المُرتضى … هنيت بالمدرسة الفائقة

خنقت حُسّادك قهرا بها … فيا لها مدرسة خانقة (٣)

وفيها: أخلع على المقر الشهابي أحمد بن الأتابكي يلبغا العمري، واستقر أمير مجلس عوضا عن الطنبغا الجوباني.


(١) بحر البسيط؛ لم يرد في بدائع الزهور.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٣٧٢ وجواهر السلوك ٢٤٠: "قلت".
(٣) بحر السريع.

<<  <   >  >>