للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فيها تَزوَّج السلطان الملك الظاهر برقوق بابنة المقر المرحوم منكلي بُغَا الشمسي، وهي بنت أخت الملك الأشرف شعبان بن حسين (١).

وفيها في شهر صفر حضر قاصد الملك الظاهر صاحب ماردين، وأخبر بأن خارجي من التتار الجغطاوية، يُقال له تمرلنك، قد استولى على البلاد، وقد وصل إلى مدينة تبريز، وأخربها وقتل بها خلقا كثيرة، وأن القان أحمد بن أويس انتقل إلى مدينة بغداد وأقام بها، وجعلها كرسي مملكته، ثم انقطعت الأخبار مدة.

وفيها أفرج السلطان عن المقر السيفي يلبغا الناصري من الاعتقال، ورسم له بأن يقيم بثغر دمياط من غير سجن.

وفيها: ضرب السلطان القاضي موفق الدين أبي الفرج ناظر الجيوش المنصورة مائة وثلاثين عصاه (٢)، ثم أفصله، واستقر بالقاضي كريم الدين ابن مكانس في نظارة الجيوش.


= من الإعطاء يبهدلوه ويسبوه، ولا يزالُوا مُترسمين على بابه حتى يأخذوا منه ما يقرَّرُوهُ عليه غصبًا، وكانوا يقيفون في الطرقات يتراششون بالماء المتنجس، ويتراجمون بالبيض، ويتصافعون بالأنطاع والأخفاف، وينقطع الناس في ذلك اليوم عن الخروج من دورهم، وكل من ظفروا به في الطرقات، يرشونه بالماء المتنجس، ويصفعونه بالأخفاف، ولو كان من الأعيان؛ فتغلق الأسواق في ذلك اليوم، وتتعطل فيه الناس عن البيع والشراء، ويتجاهَرون في ذلك اليوم بكثرة شرب الخمور والفسق، حتى يخرجون في ذلك عن الحدّ، وربما كان يُقتل في ذلك اليوم من الناس نحو اثنين أو ثلاثة" وجاءت التكملة في الصفحة التالية: "وكان هذا الأمر مستمرًا في كل سنة على القاعدة القديمة من الدول الماضية، ولا ينكر ذلك بين الناس إلى أن تسلطن الملك الظاهر برقوق، وتمت أموره في السلطنة فأمر بإبطال ذلك، ورسم للحجاب بأن يطوفوا في الطرقات، وكل من وجدوه يفعل ذلك يضربونه بالمقارع، ويقطعون يديه، وقاموا في ذلك قيامًا عظيمًا، حتى بطل ذلك من مصر، وهددوا من يفعل ذلك بالعقوبة، فانكف الناس عن ذلك من يومئذ، وصاروا يعملون بعض شيء من ذلك في أماكن المفترجات من الخلجان والبرك ونحو ذلك، وكان يوم النُّورُوز من أجل المواسم بالديار المصرية في الدول الماضية، وكان يُحمل في ذلك اليوم لأكابر أعيان الديار المصرية من أصناف البطيخ والرمان وعراجين الموز، وأفراد البسر، وأقفاص الثمر القوصي، ومشنات السفرجل، والتفاح، وقدور الهريسة المعمولة من لحوم الدجاج ومن اللحوم الضأن، ومعها بطط الجلاب، وجامات الحلوي القاهرية، ولم يزل الأمر على ما ذكرناه في الدول القديمة من أيام الخلفاء الفاطمية، وقبل ذلك من أيام القبط حتى بطل ذلك من مصر مع جملة ما بطل من عيشة الأكابر بالديار المصرية، ومن المواسم المعدودة". انتهى ذلك تمت بحمد الله؛ (الخبر في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٣٦٣ - ٣٦٥).
(١) ورد الخبر في جواهر السلوك ٢٤٠: أحداث سنة ٧٨٧ هـ.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٣٧٠: مائة عصاة"؛ وفي جواهر السلوك ٢٤٠: ورد الخبر في أحداث سنة ٧٨٧ هـ.

<<  <   >  >>