للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها: جاءت الأخبار بأن جميع النواب خَامَرُوا وخرجوا عن الطاعة، فعند ذلك على السلطان الجاليش، ونفق على العسكر وخرجَ مُسرعًا عَلى الهجن، وذلك في تاسع عشر (١) ربيع الأول سنة تسع وسبعين.

ومن الحوادث في هذه السنة: أن في سابع عشرين تموز من الشهور القبطية أمطرت السماء مطرًا شديدًا برعدٍ عظيم وبرق حتى سَالَ مِنَ المطر مثل الغدران العظيمة.

وفي أواخر ربيع الأول أنفصل الإمام زكريا مِنَ الخلافة، وأُعيد الإمام المتوكل على الله عَلى عَادَتِه، فكانتْ مُدّة خلافة المُعتصم بالله زكريا عشرين يَومًا.

فلما خرج السلطان الملك المنصور عليّ من القاهرة ومعه الأتابكي أينبك البدري وبقية الأمراء والخليفة المتوكل وَالقُضاة الأربعة، فلما وصل إلى بلبيس رجع السلطان ومعه الأتابكي أينبك، وسبب ذلك أن قطلو قجاه أخو الأتابكي أينبك كان في الجاليش قدام العسكر، فبلغه أن الجماعة الذي (٢) في الجاليش من الأمراء والعسكر قصدوا أن يكبسُوا عَلى قُطلو قجاه أخو أينبك البدري ويقتلوه، فهرب قطلو قجاه تحت الليل ومعه ثلاثة من الأمراء، فلما حضر إلى عند أخيه الأتابكي أينبك وأخبره بما جرى فأخذ أينبك الملك المنصور علي وَرَجِعَ إلى القاهرة، فطلع السلطان إلى القلعة على حين غفلة.

فلما كان يوم الإثنين ثانى (٣) ربيع الآخر رجع الأمراء والعسكر مَنْ أثناء الطريق، فلما رجعوا ركبوا كلهم على حميّة وَوَقفُوا في سوق الخيل، فنزل إليهم قطلو قجاه أخو أينبك ومعه نحو مائتي مملوك من المماليك السلطانية، فانكسر قُطلُو قجاه أخو أينبك كسرة قوية، وكان جميع الأمراء والعسكر مخامر على الأتابكي أينبك البدري، فلما تحقق أينبك أن هذه الركبة عليه، فركب فرسه وهرب إلى نحو كيمان مصر العتيقة (٤)، فشحته الأمير أيدمر الخطاي مع جماعة من المماليك السلطانية، فلم يقعوا له على أثر، ثُم إنهُمْ وَجَدُوا فرسه


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٠٦ وجواهر السلوك ٢٢٦: "سابع عشر".
(٢) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٣) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٠٨ وجواهر السلوك ٢٢٦: "ثالث".
(٤) هذه الكيمان تمتد إلى الغرب والجنوب بين التلول المعروفة بتلول زينهم "زين العابدين" وبين حائط مجرى الماء المعروف بالعيون بالقاهرة. (راجع: النجوم الزاهرة ١١/ ٧٦ هامش ٣).

<<  <   >  >>