للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما أصبح نهار الأثنين إحدى عشرين صفر صحى الأمير قرطاي من سكرته، فاجتمع عنده الأمراء، وَهُمْ: الأمير أسندمر الصرغتمشي أمير سلاح، والأمير قطلو بُغَا البدري أمير مجلس، وسُودُون المنجكي، ومبارك الطازي، وقطلو بُغَا جركس، وغير ذلك من الأمراء الطبلخانَاة والعشراوات، فأرسل الأمير قرطاي يسأل السلطان بأن يكون نائب حلب، فأرسل إليه السلطان منديل الأمان، وخلعة بأن يكون نائب حلب، ورسم له بأن يخرج من يومه، فخرج وتوجه إلى سِريَاقُوس، فلما أن خرج قرطاي مسكوا الأمراء الدِّينِ كَانُوا مِنْ عصبة قرطاي، ثُمَّ قَال المماليك للمقر السيفي أقتمر الحنبلي نائب السلطنة: " أمسك الأمير أينبك البدري"، فقال لهم: "ما هذا مصلحة"، ورجعهم عن ذلك.

فلما كان يوم الثلاثاء ثاني عشرين صفر ركب المقر السيفي أقتمر الحنبلي يسير نحو قبة النصر، فأرسل إليه المقر السيفي أينبك البدري خلعة على أنْ يَكُون نَائب الشام، وَقَالَ له: "أخرج من هناك"، فخرج من وقته وساعه.

فلما خرج قُرطاي استقر أينبك البدري أتابك العساكر عوضًا عن طشتمر المحمدي اللفاف، ومسك طشتمر اللفاف وأعيد المقر السيقى أقتمر عبد الغني إلى نيابة السلطنة بمصر كما كان أولا عوضا عن أقتمر الصاحبي الحنبلي؛ وَأُخلع على بلاط السيفي الجاي واستقر أمير سلاح، عُوضًا عن أسندمر الصرغتمشي؛ وأخلع على الأمير الطنبغا السلطاني واستقر أمير مجلس عوضًا عن قطلوبغا البدري؛ وأخلع على الأمير دمرداش اليوسفي واستقر رأس نوبة النوب على عادته؛ وأنعم على الأمير يلبغا الناصري بتقدمة ألف، وأنعم على جماعةٍ غير هؤلاء بتقادم ألوف وطبلخَانَاة وَعَشرَاوَات.

ثم إن الأتابكي أينبك البدري وقع بينه وبين الخليفة المتوكل على الله، فخلعه من الخلافة، واستقر بالإمامِ زكريا بن إبراهيم ابن عم المتوكل على الله، ولقب بالمستعصم، وكانت ولايته من عير مُبايعة ولا عهد من المتوكل.

ثُم إن الأتابكي أينبك أسكن مماليكه في مدرسة السلطان حسن، ومدرسة الأشرف شعبان التي في رأس الصُّوة (١)، وجعل في كل مدرسة مائتي مملوك وتصرّف في المملكة كما يختار، وأعطى لولديه تقدمة ألف (٢).


(١) في الأصل "السوة".
(٢) الخبر في السلوك ٣/ ١/ ٣٠٩ والنجوم الزاهرة ١١/ ١٥٥: "جعل في كل مدرسة مائة مملوك". في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٠٥: "جعل في مدرسة السلطان مائتي مملوك ومدرسة الأشرف شعبان مائة".

<<  <   >  >>