للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولبسه مرمى بين الكيمان، فلما تحقق الأمراء هروب الأتابكي أينبك فطلعوا إلى الأسطبل السلطاني، ومَلكُوا بَاب السلسلة، وصَارَ المُتحدث في أمور المملكة المقر السيفي قُطْلُقْتَمُر العلائي الطويل، فضربَ رَنكَهُ (١) على بيت الأتابكي شيخوا (٢) الذي بالرملة.

فَلَمَا كَانَ صبيحة يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر حضر الأمراء الذين كانوا قد توجهوا في الجاليش قبل العسكر، وَهُمْ الأمراء: دَمِرداش اليوسفي، والأمير بلاط السيفي الجاي، والأمير يلبغا الناصري، والأمير برقوق العثماني، وبركة الجُوبَاني، وبوري الحلبي الأحمدي، وأقبغَا آص الشيخوني، وغيرهم من الأمراءِ؛ فلما حضروا طلعوا إلى الأسطبل السلطاني، وتكلموا مع الأمير "قطقتمر العلائي الطويل (٣) وبقية الأمراء، فتكلموا بأن يقيمُوا سُلطانًا كبيرًا، فاختلفوا في ذلك؛ ثم إن الأمراء قبضوا على الأمير قطلقتمر العلائي، والأمير الطنبغا السلطاني، وغيرهما من الأمراء، وَقِيدُّوهُم وَأَرسلُوهُم إلى السجن بثغر الإسكندرية.

فَلمَا كَانَ يَوم الأحد تاسع ربيع الآخر ظهر الأمير أينبك البدري فقبض عليه الأمير يلبغا الناصري، وقيده وأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية فسجن بها، وَفِيهِ يَقُولُ شَهَاب الدين ابن العطار:

من بعد عزّ قد ذل أينبك … وانحط بعد السمو من فتكا

وَرَاحَ يَبكى الدِّمَاءُ منفردًا … والناس لا يعرفونَ أَينَ بَكَا (٤)

وَفِيهَا: في سادس عشر ربيع الآخر رَكبَ الأمير برقوق العثماني، والأمير بركة الجوباني، وَيَلبُغَا الناصري، وقبض عَلى جَمَاعَةٍ من الأمراءِ، وَهُمْ: الأمير


(١) الرنك: هو الشعار الذي يتخذه الأمير لنفسه علامة للأماكن المنسوبة إليه. (راجع: صبح الأعشى ٤/ ٦١ - ٦٢).
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٠٩: أن الأمير ضرب رنكة على بيت الأمير أحمد بن الأتابكي أينبك، وكذلك ورد في السلوك ٣/ ١/ ٣١٣؛ وهذا عكس ما ذكر هنا، وورد أيضا في النجوم الزاهرة ١١/ ١٥٨: أنه ضرب رنكة على بيت الأتابكي شيخون. والصحيح ما جاء في بدائع الزهور والسلوك.
(٣) ابن إياس يذكر هذا الأمير هكذا "قطلقتمر" وأحيانا يرد "قطقتمر" بدون حرف اللام، وجاءت صيغة هذا الاسم في السلوك ٣/ ١/ ٣١٣ قطلو أقتمر"، وفي النجوم الزاهرة ١١/ ١٥٨: "قطلقتمر"، وفي بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٠٨: "قطلو آقتمر". لذلك ترك الاسم بالصيغة التي يذكرها ابن إياس بخط يده دون تعديل.
(٤) بحر المنسرح.

<<  <   >  >>