للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلائي الدين ابن الكوراني والي القاهرة، بأن يتوجهوا إلى نحو شبرا، وَيمنعُون الناسُ من نصب الخيام على شاطئ بحر النيل.

ثم إن الأمير صرغتمش كبس على الكنيسة التي فيها ذلك الأصبع، وأخذ الصندوق، وأحضره إلى بين يدي السلطان الملك الصالح، فأمر بحرقه بين يديه في الميدان الذي تحت القلعة، وَرَسم بأن يدرُّوا رُمَادُ ذلك الأصبع في البحر، وَبَطل ذلك الأمر من يومئذ.

وكان ذلك في صحيفة المقر السيفي صرغتمش الناصري رأس نوبة النوب، تغمده الله برحمته، فاتفق أن النيل زَادَ في تلك السنة زيادةً لم يُعهد بمثلها في مبتدأ الإسلام، وَبَطلَ مَا كَانُوا يَعتقدونه النصاري أن النيل لا يزيد إلا بإلقاء ذلك الأصبع فيه؛ ومن هنا نرجع إلى أخبار دولة الملك الناصر حسن.

ثُم دخلت سنة ستين وسبعمائة، فيها جاءت الأخبار بأن المقر السيفي منجك اليوسفي لما تولى نيابة الشام، وخرج إلى غزّة فهرب من هناك، ولم يُعرف له خيرٌ، فعاقب السلطان بسبب خلقًا كثيرة، وحبَسهُمْ إلى أن ظهر، كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه.

ثُم دخلت سنة إحدى وستين وسبعمائة، فيها: رَكِبَ السلطان الملك الناصر حسن، وشق القاهرة، ونزل إلى القبة التي فيها والده قلاون التي بين القصرين، وزار قبر والده، ودخل إلى الضعفاء والمجانين، ثُمَ رَكِبَ وَخرجَ مِنْ بَابِ النصر، وشق الفضاء، ثُم رجع إلى القلعة من بين الترب (١).

وَفِيهَا: رَسم السلطان للمقر السيفي بيدمر الخوارزمي نائب حلب، بأن يتوجه بالعساكر الحلبيّة إلى مدينة سيس وَيُحاصِرهَا، فَلَمَا خرجَ إِلَيهَا أَخذَهَا


= كل سنة بعد ذلك إلى أن كانت سنة خمس وخمسين وسبعمائة … فلما كان العشر الأخير من شهر رجب من السنة المذكورة خرج الحاجب والأمير علاء الدين عليّ بن الكوراني والي القاهرة إلى ناحية شبرا الخيام من ضواحي مصر، فهدمت كنيسة النصارى، وأخذ منها أصبع الشهيد في صندوق وأحضر إلى الملك الصالح، وأحرق بين يديه في الميدان، وذرى رماده في البحر حتى لا يأخذه النصارى، فبطل عيد الشهيد من يومئذ إلى هذا العهد". المواعظ والاعتبار ١/ ١٣٠ - ١٣١؛ وهكذا جاء الخبر في أكثر من مصدر. (انظر: الدرر الكامنة ٢/ ٤٣؛ النجوم الزاهرة ٢٠٢/ ٨؛ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ١/ ١٦٧؛ عقد الجمان العيني، ٤/ ٢٦٨).
(١) بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦٨: الخبر في أحداث سنة ٧٦٠ هـ.

<<  <   >  >>