للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورواه البيهقي من طريق محمد بن بشار العبدي، قال: حدثنا محمد بن جعفر به، ولفظه: عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة -وكنت أخرج إلى الكوفة فأصلى ركعتين حتى أرجع- فقال أنس: كان رسول الله إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -شك شعبة- قصر الصلاة.

وعدَّ هذا الدليل من أقوى الأدلة على التحديد، قال ابن حجر: «وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه» (١).

وأجيب عن هذا الحديث الصريح بأجوبة منها:

الجواب الأول:

تضعيف الحديث بتفرد يحيى بن زيد الهنائي.

قال ابن عبد البر: «شيخ من أهل البصرة، ليس مثله ممن يحتمل أن يحمل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة والتابعين، ولا هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل .... » (٢).

قلت: لم يرو عنه أحد من أصحاب الكتب الستة إلا مسلم وأبو داود، وليس له فيهما إلا هذا الحديث، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وقال عنه أبو حاتم الرازي: شيخ، وفي التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، ولم يتابع، وقال الذهبي: صالح، لا بأس به. اه.

وأنس بن مالك له أصحاب يعتنون بحديثه، فأين أصحابه عن مثل هذا الحديث العزيز الذي يتعلق بأعظم الأعمال، وهو الصلاة؟ والصحابة لهم عناية في حفظ كل ما يتعلق بالصلاة، فكونه يتفرد بهذا الحديث الذي هو أصل في الباب لا يحتمل تفرده.

ولم يقل بهذا الحديث أحد من الأئمة الأربعة، أتراهم يتنكبون عنه مع صحته، وأين الإمام أحمد، وهو لا يتجاوز آثار الصحابة، كيف ترك هذا الحديث المرفوع، ولم يعمل به؟ وقل مثل ذلك عن بقية الأئمة.

وهو مخالف لما صح عن ابن عباس وابن عمر.

قال الخطابي في معالم السنن: «إن ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة الفراسخ


(١) فتح الباري (٢/ ٥٦٧).
(٢) الاستذكار (٢/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>