وقال ابن تيمية في موضع آخر من الفتاوى (٢٢/ ٥١٧، ٥١٨): ومنهم من استحبه -يعني الدعاء- أدبار الصلوات كلها، وقال: لا يجهر به إلا إذا قصد التعليم، كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم، وليس معهم في ذلك سنة إلا مجرد كون الدعاء مشروعًا، وهو عقب الصلوات يكون أقرب إلى الإجابة، وهذا الذي ذكروه قد اعتبره الشارع في صلب الصلاة، فالدعاء في آخرها قبل الخروج مشروع مسنون بالسنة، واتفاق المسلمين، بل قد ذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن الدعاء في آخرها واجب، وأوجبوا الدعاء الذي أمر به النبي ﷺ آخر الصلاة بقوله: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع .... ) … والمناسبة الاعتبارية فيه ظاهرة؛ فإن المصلي يناجي ربه، فما دام في الصلاة لم ينصرف فإنه يناجي ربه فالدعاء حينئذ مناسب لحاله، أما إذا انصرف إلى الناس من مناجاة الله لم يكن موطن مناجاة له ودعاء، وإنما هو موطن ذكر له، وثناء عليه، فالمناجاة والدعاء حين الإقبال والتوجه إليه في الصلاة، أما حال الانصراف من ذلك فالثناء والذكر أولى». وهذا أحد القولين لابن تيمية، وله قول آخر يوافق فيه قول الجمهور، يقول في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥٠٠): «إذا دعا كل واحد وحده بعد السلام فهذا لا يخالف السنة … ». ثم ساق الأدلة على ذلك، وإن كان قوله (لا يخالف السنة) قد يقال: لا يلزم من هذا اللفظ موافقة السنة، بل قد يكون مباحًا، والله أعلم. (٢) قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥١٨): «من العلماء من استحب عقب الصلاة من الدعاء ما لم ترد به السنة، ومنهم طائفة تقابل هذه، لا يستحبون القعود المشروع بعد الصلاة، =