أما اشتقاقها في اللغة، فمختَلف فيه: فقيل: أصلها من التصلية، من قولهم: صليت العصا إذا لينتها بالصلاء، وهي النار ليقومها، ومناسبة إطلاق الصلاة على العبادة: أن المصلي يَلِيْنُ بها ويخشع. جاء في مقاييس اللغة (٣/ ٣٠٠): «(صَلَى) الصاد واللام والحرف المعتل أصلان، أحدهما: النار وما أشبهها من الحمى، والآخر: جنس من العبادة. فأما الأول فقولهم: صَلَيْتُ الْعُودَ بِالنَّارِ. وَالصَّلَى صَلَى النَّارِ. وَاصْطَلَيْتُ بِالنَّارِ. وَالصِّلَاءُ: مَا يُصْطَلَى بِهِ وَمَا يُذْكَى بِهِ النَّارُ وَيوقَدُ … وَأَمَّا الثَّانِي: فَالصَّلَاةُ، وَهِيَ الدُّعَاءُ .... ». وقيل: من اللزوم، يقال: صَلِيَ واصطَلَى: إِذا لزم، فكأن المصلي لزم هذه العبادة، ومن هذا: من يُصْلَى فِي النَّار، أَي: يُلزَم النارَ. وقيل: مشتقة من الصلوين ورجحه النووي، وأحدهما: صلا، كعصا، وهما عرقان مُكتَنِفا الذَّنَب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، ولما كانا يظهران من الراكع سمي مصليًا، قالوا: ولهذا كتبت الصلاة في المصحف بالواو. قال النووي: وهذا هو الأشهر والأظهر. ولا يصح دعوى الاشتقاق في غيرها؛ لاختلاف الحروف الأصلية، وقد تقرر أن من شروط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية. انظر تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ١٧٩). وقيل: من المصلي، وهو الثاني الذي يلي السابق. قَالَ أبو عُبَيد: وأصلُ هذا في الخيل، فالسابقُ الأوَّلُ، والمصلِّي الثَّانِي، قيل لَهُ: مُصلٍّ؛ لأنه يكون عِنْد صَلَا الأوَّل، وصَلَاه: جانِبا ذَنَبِه عَنْ يَمِينه وشِماله، ثمَّ يتلوه الثَّالِث. ومناسبة إطلاق التسمية على الصلاة على هذا المعنى: أنها ثانية الإيمان، وتاليته كالمصلي من الخيل. هذا فيما يتعلق باشتقاق الكلمة. وأما معناها لغة: فالصلاة بمعنى الدعاء. قال تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]. وقال تعالى: ﴿وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾ [التوبة: ٩٩]. أي أدعيته. ومنه ما رواه مسلم (١٤٣١) من طريق هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: إذا دُعِيَ أحدكم، فليجب، فإن كان صائمًا فليصلٍّ [أي فليدع]، وإن كان مفطرًا، فليطعم.