للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[تمهيد]

[المبحث الأول في تعريف الصلاة]

المدخل إلى المسألة:

* كل لفظ له حقيقة شرعية فإن له معنى في اللغة، وليس كل لفظ له معنى في اللغة له حقيقة شرعية.

* التعريف الاصطلاحي تارة يكون وضعيًّا اصطلح عليه علماء أهل فنٍّ من الفنون، كالكلام عند النحويين يختلف عن الكلام في اللغة، وتارة يكون شرعيًّا متلقًّى من الشارع، كالإيمان، والصلاة، والأفضل التفريق بين التعريف الاصطلاحي والشرعي.

تعريف الصلاة شرعًا (١): الصلاة لها حقيقتان: لغوية: وهي الدعاء، فكل داعٍ


(١) الصلاة في اللغة لها معنيان: في اشتقاق الكلمة، وفي معناها في لغة العرب.
أما اشتقاقها في اللغة، فمختَلف فيه:
فقيل: أصلها من التصلية، من قولهم: صليت العصا إذا لينتها بالصلاء، وهي النار ليقومها، ومناسبة إطلاق الصلاة على العبادة: أن المصلي يَلِيْنُ بها ويخشع.
جاء في مقاييس اللغة (٣/ ٣٠٠): «(صَلَى) الصاد واللام والحرف المعتل أصلان، أحدهما: النار وما أشبهها من الحمى، والآخر: جنس من العبادة.
فأما الأول فقولهم: صَلَيْتُ الْعُودَ بِالنَّارِ. وَالصَّلَى صَلَى النَّارِ. وَاصْطَلَيْتُ بِالنَّارِ. وَالصِّلَاءُ: مَا يُصْطَلَى بِهِ وَمَا يُذْكَى بِهِ النَّارُ وَيوقَدُ …
وَأَمَّا الثَّانِي: فَالصَّلَاةُ، وَهِيَ الدُّعَاءُ .... ».
وقيل: من اللزوم، يقال: صَلِيَ واصطَلَى: إِذا لزم، فكأن المصلي لزم هذه العبادة، ومن هذا: من يُصْلَى فِي النَّار، أَي: يُلزَم النارَ.
وقيل: مشتقة من الصلوين ورجحه النووي، وأحدهما: صلا، كعصا، وهما عرقان مُكتَنِفا الذَّنَب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، ولما كانا يظهران من الراكع سمي
مصليًا، قالوا: ولهذا كتبت الصلاة في المصحف بالواو. قال النووي: وهذا هو الأشهر والأظهر. ولا يصح دعوى الاشتقاق في غيرها؛ لاختلاف الحروف الأصلية، وقد تقرر أن من شروط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية. انظر تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ١٧٩).
وقيل: من المصلي، وهو الثاني الذي يلي السابق.
قَالَ أبو عُبَيد: وأصلُ هذا في الخيل، فالسابقُ الأوَّلُ، والمصلِّي الثَّانِي، قيل لَهُ: مُصلٍّ؛ لأنه يكون عِنْد صَلَا الأوَّل، وصَلَاه: جانِبا ذَنَبِه عَنْ يَمِينه وشِماله، ثمَّ يتلوه الثَّالِث.
ومناسبة إطلاق التسمية على الصلاة على هذا المعنى: أنها ثانية الإيمان، وتاليته كالمصلي من الخيل.
هذا فيما يتعلق باشتقاق الكلمة.
وأما معناها لغة: فالصلاة بمعنى الدعاء.
قال تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]. وقال تعالى: ﴿وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾ [التوبة: ٩٩]. أي أدعيته.
ومنه ما رواه مسلم (١٤٣١) من طريق هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : إذا دُعِيَ أحدكم، فليجب، فإن كان صائمًا فليصلٍّ [أي فليدع]، وإن كان مفطرًا، فليطعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>