للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولم أجد هذا عند غير المالكية، فليتأمل.

ويعكر عليه: أن المكي إذا فرغ من الوقوف في عرفة وأفاض إلى مزدلفة فهو في خط رجعته إلى مكة، ومسافة السفر لا تلفق من مجموع الذهاب والإياب، فلا يعد منها الرجوع إلى موضع إقامته، وإن شملها أحكام السفر من قصر وفطر.

وإذا كنت قد رجحت أن المكي لم يثبت في النصوص أنه قصر في عرفة، ولا أنه قصر في بقية المشاعر، كان قول الحنفية والشافعية والحنابلة هو الصواب، كقول المالكية في أهل المشاعر لا يقصرون في موضع إقامتهم، والله أعلم.

الدليل الثالث:

«أن المسافر رخص الله له أن يفطر في رمضان، وأقل الفطر يوم، ومسافة البريد يذهب إليها ويرجع في يوم، فيحتاج إلى الفطر في شهر رمضان، ويحتاج أن يقصر الصلاة؛ بخلاف ما دون ذلك؛ فإنه قد لا يحتاج فيه إلى قصر ولا فطر إذا سافر أول النهار ورجع قبل الزوال» (١).

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن هذا مخالف لما رواه البخاري في التاريخ الكبير، قال: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا شبيل الضبعي،

سمعت أبا جمرة، قلت لابن عباس: أقصر إلى الأُبُلَّة؟ قال: تجيء من يومك؟ قلت: نعم، قال: لا تقصر.

[صحيح] (٢).

وهذا ذهاب من ابن عباس باعتبار المدة؛ لأن بقاءه إلى الغد في الأبلة يدخله في أحكام القصر والفطر، فإن رجع من المكان نفسه في يومه لم يقصر عند ابن عباس.

الوجه الثاني:

لا تحسب مسافة الرجوع من مسافة السفر، وإن شملتها أحكام السفر، فلم أقف


(١) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٤٨).
(٢) سبق تخريجه، انظر: (ث-٩١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>