للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عجبت منه فسألت رسول الله عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته (١).

وجه الاستدلال:

دل النص القرآني على جواز القصر في السفر حال الخوف.

ودلت السنة على جواز القصر في السفر حال الأمن؛ لقول النبي : (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)، على خلاف بين العلماء في الزيادة على النص أتعد نسخًا أم لا؟ والأصح أنها لا تعد نسخًا.

ويحتمل الحديث أحد وجهين:

أحدها: أن يكون الحكم متعلقًا بالخوف في بادئ الأمر، فلما زال الخوف أبقى الله حكم القصر على وجه التخفيف عن المسافر، فيكون هذا من الأحكام التي نيطت بسبب، ثم زال السبب وبقي الحكم، كالرمل، وعليه يدل حديث عمر بن الخطاب .

الوجه الثاني: أن يكون ذكر الخوف في الآية قيد أغلبي لا مفهوم له، وإنما نزلت الآية على غالب أسفار رسول الله ، وأكثرها لم يخلُ من الخوف، ونحو هذا قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣] فخرج النهي على صفة السبب، وإن لم يكن شرطًا فيه؛ لأنهن كن يردن التحصن (٢).

كما تضمنت الآية على أن القصر في الركعات، وليس في الصفات، وأن صلاة السفر مقصورة من الرباعية.

وأن هذا الحديث معارض لقول عائشة: (فرضت الصلاة ركعتين) وأقوى في الحجة منه؛ لأنه أخبر به نصًّا عن النبي ، بخلاف قول عائشة فيحتمل أنه من استنباطها وفقهها وتأويلها، لا سيما وقد خالفت ظاهره بما روي عنها من الإتمام (٣).

وقوله : (صدقة تصدق الله بها عليكم … ) فإذا لم نقبل الصدقة بقيت الأربع


(١) صحيح مسلم (٤ - ٦٨٦).
(٢) كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (١/ ١٥١).
(٣) انظر: إكمال المعلم (٣/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>