للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مثل ذلك نقلًا متواترًا مستفيضًا؛ لأن الصلاة من أعلام الدين المتكررة.

قال أبو المعالي الجويني: «من زعم أن صلاة الإقامة كانت ركعتين ركعتين ثم زيد فيها فقد جحد الضرورة والبديهة؛ فإنا نعلم بالتواتر والنقل المستفيض أن النبي كان يصلي الظهر في الحضر أربع ركعات، كما نعلم أنه كان يركع في كل ركعة ركوعًا. ومن أبدى في هذا المراء طرق القدح إلى نقل التواتر، فالأولى تضعيف الرواية أو نسبة رواتها إلى الوهم» (١).

نقل هذا الكلام المازري عن أبي المعالي، ولم أقف عليه في كتبه المطبوعة، ولم يرتضيه المازري، وأجاب عنه بأن ما كان من الشريعة في أول الإِسلام، ثم طرأ عليه النسخ بعد قليل من العمل به، وألف الناس خلافه، واستمروا على الإضراب عنه، وحَرُم عليهم فعله، فإن الدواعي الباعثة على نقله قد فقدت.

فلا يستنكر فيما هذا شأنه ذهابه واندراسه لعدم الحاجة إلى نقله. والحاجة إليه هي سبب توافر الدواعي عليه. فإذا استغني عنه فلا معنى للتشاغل بنقله.

واستغرب المازري كيف يهجم أبو المعالي هذا الهجوم على خبر رواه مالك في موطئه. ورواه البخاري أيضًا في صحيحه، فإذا كذّب بخبر رواه مثل هؤلاء فما ظنك بمن سواهم؟ (٢).

وثبوت الأثر عن عائشة شيء، والإشكال في دلالته شيء آخر، بدليل أنها أباحت لنفسها الإتمام في السفر، والإتمام مع اعتقاد وجوب القصر قولان متناقضان.

الجواب الرابع:

أن قول عائشة مخالف لظاهر القرآن، فحديث عائشة يدل على أن صلاة الحضر زيد فيها، وظاهر القرآن يدل على أن صلاة السفر وضع منها.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١].

وجه الاستدلال:

قوله: (أن تقصروا من الصلاة) أي تقصروا من الأربع، كما دل عليه حديث


(١) شرح التلقين (٣/ ٨٩٠).
(٢) انظر: شرح التلقين (٣/ ٨٩٠، ٨٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>