للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أنها علمت أن قصر النبي من باب التيسير، فإن النبي ما خير بين أمرين قط إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فأخذت هي في خاصتها بالإتمام؛ إذ كان مباحًا لها في التخيير الذي أذن الله فيه، فرأت أنه أكثر عملًا، وهذا ما رجحه ابن عبد البر (١).

وقد قيل في إتمام عثمان وجوه كثيرة، لا يصح منها شيء، فمنها:

الأول: أن عثمان تأهل في مكة.

(ح-٣٤٤٥) فقد روى الإمام أحمد من طريق عكرمة بن إبراهيم الباهلي حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب،

عن أبيه: أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله قول: من تأهل في بلد فليصلّ صلاة المقيم (٢).

[ضعيف] (٣).


(١) انظر: الاستذكار (٢/ ٢٢٦).
(٢) مسند الإمام أحمد (١/ ٦٢).
(٣) ومن طريق عكرمة أخرجه الحميدي في مسنده (٣٦)، وأبو يعلى كما في المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (٣٥٣، ٣٥٤)، والطحاوي في أحكام القرآن (١٣٩٨)، وفي مشكل الآثار (٤٢٢١، ٤٢٢)، والبيهقي في الخلافيات (٢٦٥٢).
وهذا الأثر أعل بعلتين:
العلة الأولى: الانقطاع، جاء في الجرح والتعديل (٥/ ٩٤): «عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذياب الدوسي، روى عن أبي هريرة، وروى عن أبيه، عن عثمان ، مرسل».
العلة الثانية: جهالة عكرمة بن إبراهيم.
واختلف في نسبه، فوقع عند أحمد: الباهلي. ووقع عند ابن أبي شيبة والطحاوي: الأزدي، وسواء أكان باهليًّا أم أزديًّا فهو دائر بين الجهالة والضعف.
قال البيهقي في المعرفة (٤/ ٢٦٣): «هذا منقطع، وعكرمة بن إبراهيم ضعيف».
وقال الحافظ في الفتح (٢/ ٥٧٠): «هذا الحديث لا يصح؛ لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به. ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلًا، فدل على وهن ذلك الخبر، ثم ظهر لي: أنه يمكن أن يكون مراد عروة بقوله كما تأول عثمان التشبيه بعثمان في الإتمام بتأويل، لا اتحاد تأويلهما ويقويه: أن الأسباب اختلفت في
تأويل عثمان فتكاثرت، بخلاف تأويل عائشة».
وهذا يقبل لو أنه صح عن عثمان التأويل الذي حمله على الإتمام، فكلها أقاويل منقطعة، لا يثبت منها شيء عن عثمان، وأكثرها ذكرها الزهري على سبيل الظن، وبعضها يرد بعضًا.
جاء في تحفة التحصيل (ص: ٢٨٩): «وفي سنن أبي داود عن الزهري أن عثمان إنما صلى أربعًا؛ لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج، وهو منقطع؛ فإنه لم يدرك عثمان».

<<  <  ج: ص:  >  >>