للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على ركعتي الفجر، فكيف تقول عائشة الصلاة فرضت ركعتين في السفر ثم تترك العمل به مع وضوح دلالته، فما الذي حمل عائشة على الإتمام؟

قال ابن عبد البر: «وحسبك بتوهين ظاهر حديث عائشة، وخروجه عن ظاهره، مخالفتها له، وإجماع جمهور فقهاء المسلمين، أنه ليس بأصل يعتبر في صلاة المسافر خلف المقيم» (١).

فواضح أن خبر عائشة ليس على ظاهره، فلو كانت ترى أن صلاة السفر فرضت ركعتين ما صح لها أن تتم في السفر؛ لأنه لا يمكن أن تتعمد إفساد صلاتها.

والحنفية الذين كان معروفًا من قواعدهم تقديم رأي الراوي على روايته، وردوا أحاديث صحيحة لمخالفة الراوي لما روى، قائلين: هو أعلم بما روى، لم يأخذوا بإتمام عائشة.

(ح-٣٤٤٤) وقد روى البخاري ومسلم من طريق ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة،

عن عائشة قالت: الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر. قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان (٢).

وروى عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أنها كانت تصوم في السفر، وتصلي أربعًا، أو قال: تتم.

[صحيح] (٣).

وأما قول عروة بأنها تأولت فلم يحكه عروة عن عائشة، ولا يعرف وجهه إلا من طريقها؛ لأن ما قامت به مجرد فعل، وهي وحدها التي تملك تفسيره، ولا يثبت


(١) التمهيد، ت: بشار (٧/ ٣٣١).
(٢) صحيح البخاري (١٠٩٠)، وصحيح مسلم (٣ - ٦٨٥).
(٣) المصنف، ط: التأصيل (٤٥٩٣).
ووراه عبد الرزاق (٤٥٩٤) عن الثوري، عن هشام بن عروة، عن عائشة، أنها كانت تتم في السفر. وسنده صحيح، وهذه متابعة من هشام للزهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>