للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولو ثبت أن النبي ترك التنفل بينهما في جمع الحضر وأن ذلك من أجل الموالاة، فهذا يدل على استحباب الترك، ولا يدل على أنه لو تنفل بطل الجمع.

ففي مذهب المالكية قولان في التنفل، المشهور منهما كراهة التنفل، ولو فعل لم يمنع من الجمع.

قال القرافي: «وإذا قلنا: لا يتنفل فتنفل، فلا يمنع ذلك الجمع قياسًا على الإقامة» (١).

وروى أبو طالب عن أحمد، أنه قال: لا بأس أن يتطوع بينهما (٢).

واختار ابن حبيب من المالكية: جواز التنفل إذا لم يؤد إلى مخالفة الإمام بأن يتنفل، وهو يصلي.

وقال الحنفية: إذا جمع بين الصلاتين في عرفة لا يتنفل بينهما، فإن تطوع أعاد الأذان والإقامة للعصر، ولم يبطلوا الجمع (٣).

وقال الشافعية والحنابلة: يبطل الجمع إذا كان ذلك في جمع التقديم، وسوف تأتينا هذه المسألة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.

وإذا كانت الصلاة الأجنبية بين الصلاتين المجموعتين لم تمنع من الجمع كيف يتصور معها القول باشتراط الموالاة.

الوجه الثاني:

قولكم: (الثانية تابعة للأولى)، هذا صحيح، ولكنها تابعة لها في الوقت، لا في الأفعال بدليل أن فساد الثانية لا يؤدي إلى فساد الأولى، والسهو فيها لا يلحق الأولى، والكلام، والوضوء بينهما لا يفسد الجمع، فكيف يتصور مع هذا أن يقال: هما كالصلاة الواحدة.

الوجه الثالث:

اشتراط الموالاة يسقط مقصود الرخصة، وهو التيسير على المكلف.


(١) الذخيرة (٢/ ٣٧٨).
(٢) التعليقة الكبرى لأبي يعلى (٣/ ٨٧).
(٣) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (٢/ ٩٧)، اختلاف العلماء للطحاوي، اختصار الجصاص (٢/ ٢٣٩)، التنبيه على مبادئ التوجيه (٢/ ٥٣٠)، النوادر والزيادات (١/ ٢٦٥)، الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٧٠٦)، التبصرة للخمي (٢/ ٤٤٤)، مواهب الجليل (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>