للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالرجل إذا خرج من بيته متجهًا إلى مكة، فهو يريد النسك، ولكن هذه النية لا تدخله في النسك، ولا يلزمه أحكام النسك، حتى يقصد بنيته التلبس بالنسك، فيحرم عليه ما كان حلالًا، فنية تأخير الصلاة من أجل الجمع يبيح له التأخير، ولكن هذه النية غير نية الجمع التي يعقدها عند الشروع في الجمع، وتكون مقارنة للتحريمة، فلو أن الرجل عندما سمع أذان الظهر نوى تأخير الظهر إلى العصر بنية الجمع، فهذه النية تبيح له تأخير الصلاة عن وقتها، ولا تجعلها قضاء، فهل هذه النية تكفيه عن نية الجمع إذا دخل وقت العصر، وأراد الصلاة مع وجود هذا الفاصل الطويل؟

فالذين يوجبون نية الجمع لا يكتفون بهذه النية، فلا يصح الاحتجاج بالنية التي تبيح التقديم والتأخير على نية الجمع التي تقارن الشروع في الصلاة، وتكون شرطًا عند من يراها شرطًا لصحة الجمع.

دليل من قال: يجوز أن تكون نية الجمع قبل الشروع في الثانية:

الدليل الأول:

لو كانت نية الجمع واجبة في الصلاة الأولى لكان النبي ذكرها لأصحابه قبل أن يصلي الظهر في عرفة، وفي الأبطح، وفي غزوة تبوك؛ لأن أكثر من صلى معه لا يعلم شيئًا عن نية النبي ، ولم يخبرهم النبي أنه سيجمع الصلاة الثانية معها، فالظاهر أنهم لم يعلموا بالجمع إلا عندما أقام بلال للصلاة الثانية، وهذا دليل على أن نية الجمع لا تشترط للصلاة الأولى.

الدليل الثاني:

أن الرخصة لا تتعلق بالأولى لوقوعها في وقتها، فتكفيها نية الصلاة، وإنما تتعلق الرخصة بتعجيل الصلاة الثانية، فاعتبرت نية الجمع قبل الشروع فيها.

ولأن حقيقة الجمع هو ضم الثانية إلى الأولى، فاعتبرت النية عند افتتاح الثانية.

دليل من فرق بين المطر والسفر:

لما كانت استدامة سبب الجمع في السفر شرطًا كفى وجوده عن اشتراط النية من أولها، بخلاف المطر، فيشترط وجوده أول الصلاة دون دوامه، فاحتاج إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>