الأصل أن العاقل لا يفعل فعلًا مخالفًا للعادة إلا وقد قصده، وهذا حقيقة النية، وهو قصد الفعل، فإذا تصور أن هناك مصليًّا جمع بين الصلاتين جمع تقديم، وهو غافل عن نية الجمع، وكان سبب الجمع قائمًا كالسفر، فصلاته صحيحة إن شاء الله تعالى قياسًا على القصر، فلو شرع المسافر في الصلاة ولم ينو القصر، ثم تفطن لذلك أثناء الصلاة، فقصر الصلاة صحت صلاته؛ لأن عدد الركعات لا يجب على المصلي أن يعقد لها نية خاصة على الصحيح فكذلك الجمع، وقد يعترض أحدهم بأن المسافر السنة في صلاته القصر، وهناك من أهل العلم من يرى وجوب القصر بخلاف الجمع فإنه رخصة.
ويقال في دفع مثل هذا: أن هذا فرق غير مؤثر في محل الحكم، فالرخصة قد تكون سنة، وقد تكون مباحة، وقد تكون واجبة، والأصح في القصر أنه ليس بواجب ولو كان واجبًا لكان إتمام المسافر خلف المقيم زيادة في صلاته، والله أعلم.
فإذا تحقق سبب الجمع المبيح للجمع، وصلى الصلاتين بوقت الأولى، فقد قد تحقق الجمع، نوى الجمع أو لم ينو، والله أعلم.