للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلما كان وقت الصلاتين المجموعتين وقتًا واحدًا، كانتا في حكم الصلاة الواحدة في باب النية، والصلاة الواحدة لابد من وجود النية في ابتدائها، فكذلك نية الجمع، وبدلالة أنه إذا طال الفصل بينهما لم يجز الجمع على أحد القولين.

وأجيب:

قولكم: الصلاتان المجموعتان في حكم الصلاة الواحدة، هذا بالنسبة للوقت، وإلا فكل صلاة مستقلة عن الأخرى لها تحريم وتحلل مستقل، ولها أركان وشروط مستقلة عن الأخرى، وفساد الثانية لا يسري إلى الأولى، والسهو في الأولى لا يوجب سجود السهو في الثانية.

والاستدلال بوجوب الموالاة على اشتراط النية في ابتداء الصلاة فيه نظر من جهتين:

الجهة الأولى: الأصح في الموالاة أنها ليست بشرط، ولا دليل على الشرطية، وسوف أتعرض لبحث هذه المسألة على وجه الاستقلال.

الجهة الثانية: على فرض أن الموالاة شرط، فذلك يتعلق بالصلاة الثانية، ولا تستلزم اشتراط النية، وإنما تستلزم ألا يوجد فاصل طويل بين الصلاتين، فلو صلى الصلاة الثانية على التوالي، ولم ينو الجمع تحققت الموالاة مع تخلف نية الجمع، وليست الموالاة بين الصلاتين بأشد من الموالاة بين أفعال الصلاة، وهي شرط لصحتها، ومع ذلك لا تشترط نية خاصة لأفعال الصلاة من ركوع وسجود وقعود؛ حتى لو ذهل عن النية لم تنقطع الموالاة حكمًا، فكذلك الموالاة بين الصلاتين لا تستلزم نية الجمع.

الدليل الثالث:

لا تجوز الصلاة قبل وقتها باتفاق أهل العلم إلا بنية الجمع، كما أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها مع إمكان فعلها إلا بنية الجمع، لهذا كانت نية الجمع هو ما يبيح تقديم الصلاة عن وقتها أو تأخيرها، فكانت شرطًا لصحة الجمع.

ويجاب:

فيه فرق بين نية التقديم والتأخير وبين نية الجمع المقارنة للعبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>