للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غيرها، ولو كان الجمع مما تبيحه الحاجة لكانت الحاجات غير محصورة.

الأمر الثاني:

أنه جعل جواز الجمع للحاجة قولًا لابن شبرمة، ولو كان يعرف أنه رواية عن الإمام أحمد لم يكتف في نسبته لابن شبرمة.

وقال في الإنصاف: «لا يجوز الجمع لعذر من الأعذار سوى ما تقدم على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب» (١).

وقال ابن مفلح في الفروع: «واختار شيخنا -يعني: ابن تيمية- الجمع لتحصيل الجماعة … ولخوفِ تحرجٍ في تركه، أي: مشقة» (٢).

ولو كان الجمع للحاجة رواية عن أحمد لذكره ابن مفلح رواية، فهو من أعلم أهل عصره بروايات الإمام أحمد، فكونه ينسب الجمع للمشقة لشيخه تقي الدين فهذا دليل على أنه ليس رواية عن الإمام أحمد.

فالمرض والشغل الذي نقله ابن مشيش عن أحمد كانا مثالين لجمع الضرورة، وليس لجمع الحاجة.

وكيف يكون الجمع في مذهب أحمد يجوز دفعًا للمشقة، وقد نص الإمام على أنه لا يجمع للمطر في الظهرين كما مر معك.

وأسقط الحنابلة الجمعة والجماعة لغلبة النعاس ولم يجعلوه سببًا يبيح الجمع مع مشقة مقاومة النوم، فقد ذكر في الوجيز أنه يجوز الجمع لكل شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا النعاس (٣).

ومنع الحنابلة الجمع للمشقة في السفر القصير.

وبقي ممن نسب له هذا القول بجواز الجمع للحاجة تقي الدين ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم عليهما رحمة الله، ويقصدان بالحاجة تلك التي لو ترك


(١) الإنصاف (٢/ ٣٣٩).
(٢) الفروع (٣/ ١٠٩).
(٣) انظر: الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد (ص: ٨٧)، الفروع (٣/ ١١٠)، المبدع (٢/ ١٢٥)، الإنصاف (٢/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>