للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فهو يتكلم عن جمع الضرورة، قال أحمد: (يجمع في حضرٍ لضرورةٍ) ومفهومه: أنه لا يجمع في الحضر للحاجة.

وأما المثال الذي ساقه مثل مرض وشغل، فهذا ما دام ساقه مثالًا للضرورة، فيحمل على المرض الشديد الذي يكون فيه الجمع من الضرورات، ولا يحمل على المريض الذي يكون معه بعض المشقة، ومثله يقال في الشغل.

جاء في الإرشاد لابن أبي موسى (ت: ٤٢٨): «وجمع المريض يخاف أن يغلب على عقله تخفيف» (١).

وقال القاضي أبو يعلى: «وأما المرض، فإنما جعل له الجمع بين الظهر والعصر إذا خشي أن يغلب على عقله، ويشق عليه الوضوء» (٢).

فتبين أن جمع المريض من جمع الضرورات، ولذلك يرى الجمع للمرض من لا يرى الجمع للحاجة كالإمام مالك.

بل يرى الجمع للمرض من لا يرى الجمع للمطر كالليث بن سعد وعطاء (٣).

وذكر الإمام أحمد مع المرض الشغل، قال القاضي أبو يعلى: «أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله» (٤).

فهذا الشغل من باب الضرورات، وليس المراد بالشغل اشتغاله بحاجاته.

وقال الموفق ابن قدامة: «ولا يجوز الجمع لغير ما ذكرنا -يعني من الأسباب السابقة- وقال ابن شبرمة: يجوز إذا كانت حاجة أو شيء لم يتخذ عادة» (٥).

وهذا النص من ابن قدامة يستفاد منه أمران:

الأمر الأول:

بيان أن أسباب الجمع في مذهب الإمام أحمد معدودة، لا يجوز الجمع في


(١) الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص: ٥٢٤).
(٢) التعليقة الكبرى (٣/ ٩٧).
(٣) انظر: اختلاف العلماء للطحاوي اختصار الجصاص (١/ ٢٩٢)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ١٧١)، الاستذكار (٢/ ٢١٤)، التمهيد، ت: بشار (٨/ ٦٣).
(٤) الإنصاف (٢/ ٣٣٦).
(٥) المغني (٢/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>