للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صليت المغرب، ثم طرحت فرقدت عن العتمة، فقال: لا تنم حتى تصليها، فإن خفت أن ترقد فاجمع بينهما.

[فيه عبد الرحمن بن حرملة صدوق سيئ الحفظ] (١).

هل يصح الأخذ من هذه الفتوى -لو ثبتت عن ابن المسيب- جواز الجمع عند كل شغل أو حاجة، فهذا الراعي يرعى طيلة النهار، ثم يأتي المغرب فيصليها في وقتها، ثم ينام عن صلاة العشاء غلبة، فلا يصليها حتى يخرج وقتها من شدة الإعياء، فنهاه سعيد بن المسيب عن النوم حتى يصلي العشاء ما دام يقدر على ذلك، فإذا خاف من تضييعها بالنوم أذن له بالجمع.

فهل يستوي رجل يخاف من نفسه تضييع الصلاة؛ لكونه قد بلغه الإعياء من رعيه طيلة النهار، فلا يدخل في استطاعته البقاء إلى العشاء، وإذا نام لم يصلِّ العشاء إلا وقد خرج وقتها، هل يستوي هذا برجل يقدم شغله وحاجته مع قدرته على أداء كل صلاة في وقتها؟، وهل جمع هذا الرجل يشبه الجمع من أجل إكمال الخطبة.

فالجمع من الراعي هذا ملحق بجمع الضرورات، وليس بالحاجات كالمرض.

وهب أن القول هذا لا يعرف عن أحد من التابعين إلا عن سعيد بن المسيب، أيكون هذا القول بهذا التفرد زمن التابعين ثم يكون دينًا للعامة عند كل شغل أو حاجة تطرق المكلف، وهل قول سعيد ممن يحتج بقوله أم يحتج لقوله؟.

فإن كان عمدة ابن المسيب حديث ابن عباس، فقد نقلت موقف المحدثين والفقهاء منه، ونقلت لك من نصوصهم ومذاهبهم ما لا يتفق مع حديث ابن عباس في الموقف الأول من حديث ابن عباس عند الكلام على جمع المطر.

السابع: أبو إسحاق المروزي، المتوفى سنة: ٣٤٠ هـ

وقال الخطابي: سمعت أبا بكر القفال (ت: ٣٦٥)، يحكيه عن أبي إسحاق المروزي (٢).


(١) سبق تخريجه، انظر في هذا المجلد: (ث-٨٧٠).
(٢) معالم السنن (١/ ٢٦٥)، وأبو بكر القفال معاصر لأبي إسحاق المروزي، فيحتمل أنه سمعه منه.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (٥/ ٢١٩): « … حكاه الخطابي عن القفال والشاشي
الكبير من أصحاب الشافعي، عن أبي إسحاق المروزي، عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره بن المنذر ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم».
قوله: (عن القفال والشاشي الكبير) زيادة الواو خطأ، فالصواب: عن القفال الشاشي الكبير. وقوله: (عن أبي إسحاق المروزي، عن جماعة من أصحاب الحديث) وهم آخر، فالذي حكاه عن جماعة هو ابن المنذر إلا أنه لم يصفهم أنهم من أهل الحديث، وأما أبو بكر القفال فحكاه عن أبي إسحاق المروزي وحده، انظر: معالم السنن (١/ ٢٦٥)، المجموع (٤/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>