فرواه عبد الرزاق، عن سفيان، عن عون، عن أبي جحيفة به، بذكر الاستدارة، فإن حمل الدوران على الالتفات وأن المقصود استدارة الرأس دون الجسد كان ذلك من الرواية بالمعنى، إلا أن كل من روى الاستدارة لم يذكر موضعها من جمل الأذان، وإن حمل الدوران بالاستدارة الكاملة والانحراف عن القبلة، كان هذا اختلافًا على سفيان. وقد رواه محمد بن يوسف، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الأزرق، والحسين بن حفص، وسفيان بن عيينة، كلهم رووه عن سفيان، عن عون به، ولم يذكروا ما ذكره عبد الرزاق من الاستدارة. ولفظ الاستدارة في رواية عبد الرزاق عن سفيان، عن عون مدرج في الحديث، ولم يسمعه سفيان من عون، بل هو من حديث سفيان، عن حجاج بن أرطاة، عن عون، وسفيان مدلس، فتارة يروي الحديث بما رواه عن حجاج، عن عون، ويسقط حجاجًا، وأحيانًا يروي الحديث بما سمعه من عون، بَيَّن ذلك يحيى بن آدم، عند الطبراني في الكبير (٢٢/ ١٠٥) ح ٢٦١ عن عون، عن أبيه، قال: رأيت بلالًا، فأذن، فأتبع فاه ههنا وههنا، والتفت يمينًا وشمالًا، قال سفيان: كان حجاج- يعني ابن أرطاة- يذكر لنا عن عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونًا لم يذكر فيه الاستدارة. اه فهذا صريح أن ما سمعه سفيان من عون ليس فيه ذكر الاستدارة، وأن ما رواه سفيان من الاستدارة إنما سمعه من حجاج بن أرطاة عن عون. وقال الشيخ تقي الدين في الإمام نقلًا من البدر المنير: «في رواية أبي الوليد (العدني)، عن سفيان، حدثني من سمع من عون. وقد أعل البيهقي في السنن (١/ ٣٩٥) هذه اللفظة، وقال: «سفيان إنما روى هذه اللفظة في الجامع رواية العدني عنه، عن رجل لم يُسَمِّه، عن عون». قلت: قد صرح في رواية الطبراني أن هذا الرجل هو حجاج بن أرطاة. وبذلك أعلها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وبين أنها مدرجة في الحديث، انظر فتح الباري (٢/ ١١٥). وقد سبق أن خرجت الحديث في المجلد الأول (ج: ١٦٢)، فارجع إليه.