للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

منتقض في استدلال النووي ، ولعله لم يطلع عليه.

القرينة الثانية: رواية من رواه بالشك: (فصلى الظهر أو العصر).

القرينة الثالثة: الاستدلال برواية مسلم، وما جاء فيها: (فتقدم فصلى الظهر ركعتين .. ثم صلى العصر ركعتين) بالتعبير ب (ثم).

والرويتان: أعني رواية الشك، والتعبير ب (ثم) قد انفرد في روايتهما الإمام سفيان الثوري عليه رحمة الله، عن عون بن جحيفة، وهو دليل على أن سفيان لم يضبط الحديث، لأن كل من روى الحديث عن عون لم (يشك) ولم يعبر بالحرف (ثم). وقد انفرد سفيان بزيادات في حديث عون لم يروها غيره قد تكلمت على أكثرها في كتاب الأذان، وقد يكون الحمل في بعضها على الرواة عنه، وفي بعضها الحمل على سفيان، من هذه الألفاظ:

الأول: ذكر الدوران في الأذان (١).


(١) اختلف على سفيان الثوري بذكر الاستدارة في الأذان،
فرواه عبد الرزاق، عن سفيان، عن عون، عن أبي جحيفة به، بذكر الاستدارة،
فإن حمل الدوران على الالتفات وأن المقصود استدارة الرأس دون الجسد كان ذلك من الرواية بالمعنى، إلا أن كل من روى الاستدارة لم يذكر موضعها من جمل الأذان، وإن حمل الدوران بالاستدارة الكاملة والانحراف عن القبلة، كان هذا اختلافًا على سفيان.
وقد رواه محمد بن يوسف، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الأزرق، والحسين بن حفص، وسفيان بن عيينة، كلهم رووه عن سفيان، عن عون به، ولم يذكروا ما ذكره عبد الرزاق من الاستدارة.
ولفظ الاستدارة في رواية عبد الرزاق عن سفيان، عن عون مدرج في الحديث، ولم يسمعه سفيان من عون، بل هو من حديث سفيان، عن حجاج بن أرطاة، عن عون، وسفيان مدلس، فتارة يروي الحديث بما رواه عن حجاج، عن عون، ويسقط حجاجًا، وأحيانًا يروي الحديث بما سمعه من عون، بَيَّن ذلك يحيى بن آدم، عند الطبراني في الكبير (٢٢/ ١٠٥) ح ٢٦١ عن عون، عن أبيه، قال: رأيت بلالًا، فأذن، فأتبع فاه ههنا وههنا، والتفت يمينًا وشمالًا، قال سفيان: كان حجاج- يعني ابن أرطاة- يذكر لنا عن عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونًا لم يذكر فيه الاستدارة. اه
فهذا صريح أن ما سمعه سفيان من عون ليس فيه ذكر الاستدارة، وأن ما رواه سفيان من الاستدارة إنما سمعه من حجاج بن أرطاة عن عون.
وقال الشيخ تقي الدين في الإمام نقلًا من البدر المنير: «في رواية أبي الوليد (العدني)، عن سفيان، حدثني من سمع من عون.
وقد أعل البيهقي في السنن (١/ ٣٩٥) هذه اللفظة، وقال: «سفيان إنما روى هذه اللفظة في الجامع رواية العدني عنه، عن رجل لم يُسَمِّه، عن عون».
قلت: قد صرح في رواية الطبراني أن هذا الرجل هو حجاج بن أرطاة.
وبذلك أعلها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وبين أنها مدرجة في الحديث، انظر فتح الباري (٢/ ١١٥). وقد سبق أن خرجت الحديث في المجلد الأول (ج: ١٦٢)، فارجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>