للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المسجد، ولا يصح الاعتراض بالأعمى وفي حال الظلمة؛ لأن هذا مانع ضرورة، فيعتبر في مكانهما ما لو زال هذا المانع لتمكنا من الرؤية.

ويناقش:

المخالف لا يمنع من صحة الاقتداء بالرؤية، ولكن لا يدل على حصر الاقتداء بها لمن هو خارج المسجد، حتى ولو سمع التكبير، فأين النهي عن الاقتداء بالسماع وحده لمن اقتدى من خارج المسجد؟.

وأين الدليل على أن الرؤية شرط لصحة الاقتداء؟

وشروط العبادة توقيفية؛ لأنها صفات في العبادة، والعبادة الأصل فيها المنع، فكذلك صفاتها، والعبادة لا تثبت بالتعليل النظري، والاستحسان العقلي، فكذلك صفاتها، ومنها شروطها، فلا بد من نص أو إجماع لثبوت العبادة وشروطها، والمطلوب من المأموم الاقتداء بالإمام، فإذا كانت المسافة التي بين الإمام والمأموم لا تمنع من إمكان الاقتداء به صح الاقتداء، سواء رأى الإمام أو من خلفه أو لا، فإذا سمع صوت الإمام أو صوت من يبلغ عنه، فكبر بتكبيره، وركع بركوعه، وسجد بسجوده، ولم يشتبه عليه حال الإمام وانتقالاته صح الاقتداء به، وسواء أكان بينهما طريق أو نهر، أم لا، وسواء أكان المكان متحدًا أم لا، فكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وهل تراد الرؤية إلا لإمكان الاقتداء، والمنصوص عليه العلم بتكبير الإمام؛ لقوله : (إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا)، والرؤية تقوم مقام السماع عند تعذره، ولهذا لو تمكن من رؤية الإمام بحيث كان المأموم في الصف الأول، فاقتدى به بالسماع وحده، ولم ير الإمام؛ لكونه في طرف الصف صحت صلاته بالإجماع، فتبين أننا لا نتعبد برؤية الإمام من أجل الرؤية، فهي ليست مقصودة لذاتها، وإنما لإمكان الاقتداء، فكذلك الحال لمن هو خارج المسجد إذا أمكن الاقتداء بالإمام ولم يره لم تبطل صلاته؛ لحصول المقصود، والرؤية وحدها قد لا تكفي، ولأن المأموم إذا سجد فلا طريق له إلى العلم برفع الإِمام رأسه إلا عن طريق الصوت، فإذا لم يسمع صوت الإمام لم يتمكن من الاقتداء، فكان السماع أبلغ من الرؤية في صحة الاقتداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>