للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الثالث:

(ح-٣٢٩١) ما رواه البخاري من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة،

عن عائشة قالت: كان رسول الله يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي ، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام ليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك، جلس رسول الله فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال: إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل (١).

وجه الاستدلال:

أن الصحابة اقتدوا بالنبي ، مع اختلاف المكان، ومع وجود الحائل حيث كان الحائل لا يمنع من رؤية الإمام، ولو في بعض الصلاة.

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

هذا الدليل دليل على الحنابلة، وليس دليلًا لهم؛ لأن الصحابة الذين اقتدوا بالنبي لم يكونوا يرونه في حال السجود والجلوس والتشهد، وربما لا يرونه حتى في حال الركوع، فإذا صح الاقتداء مع عدم الرؤية في جميع هذه الأركان صح الاقتداء إذا لم يروه في سائر أركان الصلاة، فما صح في بعض الصلاة صح في سائرها، فاضطر الحنابلة إلى القول بأنه يكفي في المشاهدة حصولها في بعض الصلاة، واستدل لذلك ابن قدامة بحديث عائشة، وقال: «الظاهر أنهم كانوا يرونه في حال قيامه» (٢).

وأين الدليل على اشتراط الرؤية:

فالرؤية للإمام في بعض الصلاة وقعت اتفاقًا، فهي حكاية فعل، لا تفيد الوجوب فضلًا عن الشرطية، وقد سبق بيان أن رؤية الإمام مطلوبة للعلم بانتقالاته من ركوع وسجود وجلوس، ولا يتعبد برؤية الإمام لغير هذه الحاجة، فإذا علم بحال إمامه عن طريق سماع تكبيراته أغنى ذلك عن الرؤية، والله أعلم.


(١) صحيح البخاري (٧٢٩).
(٢) المغني (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>