للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مترًا تقريبًا، يحتاج إلى توقيف؛ لأن المقادير لا سبيل إلى معرفتها بالاجتهاد.

ولهذا قال المزني: قد أجاز القرب (في الإملاء) بلا تأقيت، وهو عندي أولى؛ لأن التأقيت لا يدرك إلا بخبر (١).

وقال إمام الحرمين: «كنت أودُّ لو قال قائل من أئمة المذهب: يُرعى في التواصل مسافةٌ يبلغ فيها صوتُ الإمام المقتدي لو رفع صوتَه قاصدًا تبليغًا على الحد المعهود في مثله، وهذا قريب مما ذكره الشافعي، وهو نوع من تواصل الجماعات في الصلاة» (٢).

وإذا اعتبرنا في المسافة إمكان السماع رجعنا إلى أن القول المعتبر هو إمكان الاقتداء، وليس الاعتبار وحدة المكان.

الوجه الرابع:

أن مثل هذه المسافة بين الصف والصف سواء أكانا في فضاء، أم كان أحدهما في مسجد والآخر في فضاء، لا يمكن القول باتحاد المكان حسًّا مع وجود هذا الفاصل الطويل، وأين الدليل على أنه لو زاد خمسة أذرع أي ما يقارب مترين فقط على الثلاثمائة فسدت الصلاة، وأصبح المكان متعددًا، وإذا نقص هذان المتران صار مكانهما متحدًا، هذا تحكم بلا دليل.

الوجه الخامس:

إذا كان المحكم في تقدير هذه المسافة هو العرف، فأي عرف تقصدون؟ أهو عرف الصحابة، فأين النقل عنهم؟ أوعرف غيرهم، والعرف من طبيعته متغير من جماعة لأخرى، ومن مكان لآخر، ومن وقت لآخر، فليكن التقدير للعرف، فما عد فاصلًا طويلًا عرفًا منع الاقتداء، وما لا فلا.

دليل من قال: يشترط الرؤية وإمكان الاقتداء ما لم يكن بينهما طريق أو نهر:

المقتضي لصحة الاقتداء عند الحنابلة في غير المسجد: الرؤية وإمكان الاقتداء، فلا يشترط القرب، ولا اتصال الصفوف، واشترطوا في الحائل ألا يمنع رؤية الإمام أو رؤية من خلفه ولو في بعض الصلاة، ما لم يكن طريقًا أو نهرًا.


(١) مختصر المزني، ت: الداغستاني (١/ ١٣٥).
(٢) نهاية المطلب (٢/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>