للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: (كان أنس يجمع مع الإمام وهو في دار نافع بن عبد الحارث) يشعر لفظ (كان) بأنه لم يكن عارضًا، بل هو الغالب من فعل أنس .

وصلاته في الحجاز لا يدل على أنه فعله بدافع الحاجة كما هو فعله في البصرة، ولهذا الإمام أحمد تارة يحتج بفعل أنس على الجواز مطلقًا، وتارة يحتج به بداعي الحاجة كما هو ظاهر فعله في البصرة في الزحام، وهل من قيده بالحاجة أراد الضرورة؛ لأن الحاجة تبيح المكروه، والواجب لا يسقط بالحاجة بل بالعجز.

وهذا صحابي لم يجعل من وحدة المكان شرطًا لصحة الاقتداء، فدل على أنه ليس بشرط، وقد قال بفعل أنس من علمت من التابعين.

ولو كان اتصال الصفوف شرطًا لصحة الجماعة لوجدت الآثار متكاثرة عن الصحابة بذكر هذا الشرط، فغياب مثل هذه الآثار دليل على أنه ليس بشرط؛ لأن إثبات شرط للعبادة يحتاج إلى دليل وجودي، وليس دليلًا عدميًّا، فعدم الدليل على وجوب اتصال الصفوف يدل على أنه ليس بشرط.

ولا يصح الاحتجاج بفعل أنس، أو بفعل التابعين أو بمذهب المالكية على جواز الاقتداء خلف المذياع والتلفاز؛ لأن العبادات مبناها على الاتباع، وما كانت الصلاة جماعة تقام في عصر النبوة إلا في بقعة واحدة، والأماكن الكثيرة في البقعة الواحدة لها حكم المكان الواحد إذا أمكن الاقتداء، كالغرف مع البيت، فالغرف لها

<<  <  ج: ص:  >  >>