للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العبادة بالتعليل النظري، كذلك لا تثبت صفتها بالتعليل النظري، والأصل في صلاة الناس الصحة، ولا يجوز الحكم بفسادها إلا ببرهان من الشارع يجب التسليم له.

هل يمكن أن يكون اتصال الصفوف شرطًا في صحة صلاة الجماعة ثم لا يأتي في النصوص نص جلي واضح في بيان هذا الشرط، تقوم به الحجة، ويعلم به المسلم ما تصح به صلاته؟ حتى تجد الإمام أحمد عنه أربع روايات في المسألة: الجواز مطلقًا، والجواز بداعي الحاجة، والجواز بشرط الرؤية، والجواز بشرط ألا يفصل طريق أو نهر، فإن فصل طريق أو نهر اشترط اتصال الصفوف، وفي مذهبه قول خامس لبعض أصحابه كالخرقي والقاضي وأبي بكر يشترطون اتصال الصفوف.

وجمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المعتمد لا يشترطون اتصال الصفوف، وعلى هذا جماعة من التابعين من أهل الحديث، كعطاء والحسن البصري، وابن سيرين وعروة بن المغيرة وعروة بن الزبير، فلو كانت مسألة اشتراط الصفوف بهذا الوضوح والحسم هل تجد مثل هذا القدر من الخلاف.

فإذا رأيت العبادة أو شرطها الذي لا تصح إلا به لا دليل عليها من الكتاب، ولا من السنة ولو حديثًا ضعيفًا، ولا من قول صحابي، فاعلم أن هذه العبادة أو شرطها لا أصل له، وكيف يتصور أن الشارع لم يبين للناس ما تصح به صلاتهم.

الدليل الثاني:

(ح-٣٢٨٩) روى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة قال: قال النبي : إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعون (١).


(١) صحيح البخاري (٧٣٤)، وصحيح مسلم (٨٦ - ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>