بالشرائع بشرط الإيمان، كالمحدث يؤمر بالصلاة بشرط الطهارة، ولو صلى لم تقبل منه حتى يتطهر.
* وأجيب:
لا يصح أن نجعل الإيمان تبعًا للشرائع، بل غيرُه من الشرائع تبعٌ له، فجميع الأحكام الشرعية من العبادات تبع للإيمان، والشيء لا يصلح أن يكون تبعًا لما هو تبعه، بخلاف الطهارة فوجوبها تبع لوجوب الصلاة، فالغاية هي الصلاة، والطهارة وسيلة لها، وليس كذلك الإيمان (١).
الوجه الثاني:
أن الإنسان إذا أُمِرَ بأن يفعل فعلًا، وكان هناك مانع يمنع من صحة الفعل، فإن كان المانع ليس من قبل المكلف كالعجز، سقط الفعل.
وإن كان المانع من قبل المكلف أثم، ولم يرتفع عنه التكليف، كشارب الخمر، فإنه لا يصلي حتى يعلم ما يقول، وإذا خرج وقت الصلاة وهو لم يُصَلِّ أثم بذلك، وإن كان منهيًّا عن الصلاة حال السكر، وهكذا الكفر فإنه مانع قام بالمكلف من جهته، فلا يرفع التكليف.
الوجه الثالث:
أن الفائدة من كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة تضعيف العذاب عليهم، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾ [النحل: ٨٨].
فهؤلاء لما جمعوا بين الكفر والإفساد في الأرض زادهم الله عذابًا فوق العذاب بسبب إفسادهم، وإذا تُصُوِّرَ زيادةُ العذاب في ارتكاب النواهي، فزيادة العذاب بترك الأوامر مثله؛ لأنها أحد شقي التكليف.