عموم قوله ﷺ:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله … ) يدل على صحة إمامة الأعرابي.
ويجاب:
بأن هذا الحديث رد على المالكية القائلين تكره إمامة الأعرابي مطلقًا، ولو كان أقرأ القوم، وأما من فضل القروي على الأعرابي إذا تساويا في صفات التفاضل فليس في الحديث ما يدل عليه.
فلو كان الأعرابي أقرأ القوم قدم على غيره، وإنما كره من كره إمامة الأعرابي لغلبة الجهل، فإذا قرأ وفقه كان هو وغيره سواء.
ولذلك لما قدم الأشعث غلامًا يصلي به، فعابوا ذلك عليه، فقال: ما قدمته، ولكني قدمت القرآن.
[صحيح إن ثبت سماع عروة من الأشعث](١).
الدليل الثاني:
أما تفضيل الحضري على الأعرابي فذلك أن الإمامة مبنية على الأفضيلة، فإمام القوم ينبغي أن يكون أفضلهم، وطباع الحضر تختلف عن طباع أهل البادية بسبب ظروف الحياة التي يعيشون فيها، والظروف التي تحيط بهم، فحياة البدوي حياة شاقة مضنية أورثت خشونة في طباعهم، وقسوة في تعاملهم، فالحضري ألين عريكة، وأحسن أخلاقًا، وأقدر على سياسة الجماعة، وعلى تنزيل الناس منازلهم، وتوقير كبيرهم، وتعاهد مقصرهم، وتأليفهم على الجماعة.
(ح-٣١٩٨) روى البخاري من طريق الزهري: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن:
أن أبا هريرة ﵁ قال: قَبَّلَ رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم
(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٥٠٢)، قال: حدثنا عبدة، عن هشام، عن أبيه، قال: لما قدم الأشعث قدم غلامًا … وذكر الأثر. ولم أقف على سماع عروة من الأشعث بن قيس، بل لم أقف له على رواية عنه غير هذا الأثر، والله أعلم.