للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من المعاصي وترك الشهبات، لهذا ناسب أن يقوم الورع قائمًا مقام الهجرة.

واستدل غيرهم بقوله: إن مقصود الصلاة الخشوع ورجاء إجابة الدعاء والورع أقرب، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، وقد سبق ذكر ذلك.

ويناقش:

بأن الصفات التي تستحق فيها الإمامة، منها ما نُصَّ عليها، ومنها ما ألحقت بالاجتهاد. والورع لم يذكر مطلقًا في الصفات المنصوص عليها، فإدخاله من باب الاجتهاد، لهذا لا يمكن تقديمه على المنصوص عليه، ويمكن النظر فيه بعد أن تستوفى جميع الصفات التي نص عليها في حديث أبي مسعود، كالقراءة، والفقه، والهجرة، والسن، فإذا تساووا في المنصوص عليه، نأتي بعد ذلك إلى الصفات التي يمكن إدخالها بالاجتهاد، ومنها الورع، ولهذا قول الحنابلة أقرب إلى الصواب حيث لم يزاحموا بوصف الورع الصفات المنصوص عليها في حديث أبي مسعود البدري، والله أعلم.

دليل من قال: بعد الفقه والحديث والقراءة يقدم كثير العبادة:

استدلوا بحديث أبي مسعود (فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سلمًا … وفي رواية فأقدمهم سنًا (١).

وجه الاستدلال:

إذا تساووا في القراءة والفقه قدم الأكثر عبادة، ثم الأكبر سنًا، ولم يتعرض المالكية للأقدم هجرة مع أنه منصوص عليه بحديث أبي مسعود البدري، ومع أنهم يرون أن الهجرة لا تنقطع بفتح مكة، بل هي باقية إلى يوم القيامة لمن أسلم بدار الكفر (٢).

فهل الأكثر عبادة من الصفات المنصوص عليها في التفاضل على الإمامة، أم هي من الصفات الملحقة بالاجتهاد؟

فإن كانت من الصفات الملحقة بالاجتهاد لم تقدم على المنصوص، فلماذا قدمها المالكية على السن، مع أن السن من المنصوص عليه في حديث أبي مسعود البدري.


(١) صحيح مسلم (٦٧٣).
(٢) المقدمات الممهدات (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>