للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقد قدم الصحابة سالمًا، وهو من الموالي، وقدموا عمرو بن سلمة، وهو من الصبيان.

والعلة في تقديم الإمامة في قريش فذلك لأن الناس تبع لهم؛ لقوتهم ومنعتهم، ولذلك كان العرب لم يبادروا بالدخول في الإسلام حتى فتحت مكة، كما في حديث عمرو بن سلمة في البخاري، قال: (لما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم … ) (١)، وهذا المعنى ليس موجودًا في الإمامة الصغرى، ولذلك لم ينص النبي على النسب في صفات استحقاق الإمامة، والله أعلم.

دليل من قال: يقدم الأورع مطلقًا حتى على الأفقه والأقرأ:

قالوا: مقصود الصلاة الخشوع ورجاء إجابة الدعاء والأورع أقرب إلى الخشوع من غيره، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣].

ويجاب:

الآية الكريمة عامة لم يكن سياقها في استحقاق الإمامة، وحديث: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) خاص في الإمامة، ولا يقدم العام على الخاص.

دليل من جعل الورع من صفات استحقاق الإمامة:

جعل الحنفية والشافعية الورع رتبة بعد الفقه والقراءة، وجعل الحنابلة الورع والتقوى في آخر الصفات قبل القرعة.

واستدل الحنفية بحديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال: قال رسول الله : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سلمًا، وفي رواية: سنًا (٢).

قال الحنفية: لم يذكر الورع في حديث أبي مسعود، وإنما ذكر فيه بعد القراءة والعلم الهجرة؛ لأنها كانت واجبة في ابتداء الإسلام قبل الفتح، فلما انتسخت بعده أقمنا الورع مقامها (٣).

وجه إقامة الورع مقام الهجرة: أن المعتبر اليوم الهجرة المعنوية، وهي الهجرة


(١) صحيح البخاري (٤٣٠٢).
(٢) صحيح مسلم (٢٩٠ - ٦٧٣).
(٣) البحر الرائق (١/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>