للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والدليل على التقديم بالنسب:

(ح-٣١٨٦) ما رواه البخاري من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال كان محمد بن جبير بن مطعم، يحدث

عن معاوية، أنه قال وهو عنده في وفد من قريش: إني سمعت رسول الله يقول: إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين (١).

(ح-٣١٨٧) وروى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد عن الأعرج،

عن أبي هريرة أن النبي قال: الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم (٢).

قال النووي: «هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم» (٣).

فأدخل الجمهور النسب من صفات التفاضل على الإمامة الصغرى قياسًا على الإمامة العظمى.

وإذا كان مستند المسألة القياس، فهذا اعتراف أن استحقاق الإمامة بالنسب في الإمامة لا نص فيه؛ لأن حقيقة القياس: قياس فرع لا نص فيه على أصل فيه نص؛ لعلة جامعة.

فيكون إدخال هذا الوصف في التفاضل هو من باب الاجتهاد، فالأوصاف في استحقاق الإمامة: منه ما نص عليه الشارع، ومنه ما ألحق بالمنصوص اجتهادًا من الفقهاء، وينبغي أن يكون ما ألحق من باب الاجتهاد لا يزاحم المنصوص في الترتيب، فلا يتقدم على الهجرة ولا على السن؛ لأن هذين الوصفين قد نص عليهما في حديث أبي مسعود البدري، فكيف يتقدم ما لا نص فيه على ما ورد فيه نص.

ثم يبقى النظر في هذا الاجتهاد، أهو مسلم، أم فيه مجال للأخذ والرد؟

والذي أميل إليه أن مذهب الحنفية أقوى، فإن القياس على الإمامة العظمى قياس مع الفارق، فالعبد والصبي لا يصلحان للإمامة العظمى، بخلاف إمامة الصلاة،


(١) صحيح البخاري (٣٥٠٠).
(٢) صحيح البخاري (٣٤٩٥)، وصحيح مسلم (١ - ١٨١٨).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>