للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كما تابع أبا خالد الأحمر من هذا الوجه أبو معاوية (١).

وجه الاستدلال:

أن الترتيب بعد الأقرأ والأعلم هو الأسن في الإسلام،

وجه تقديم الأسن على الأقدم هجرة مع مخالفته لحديث أبي مسعود (فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلمًا، وفي رواية لمسلم: فأقدمهم سنًا).

قالوا: لأن الأسن أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء، وهو مقصود في الصلاة قطعًا، قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٢] فقدم به على الشرف والهجرة؛ إذ لا تعلق لهما بمعنى في الصلاة (٢).

ونوقش هذا:

أولًا: هذا من غريب الاستدلال، أن يستدل بآية لم يكن سياقها في الصفات التي تستحق بها الإمامة، وهي عامة في المصلي مأمومًا كان أم إمامًا، ويترك حديث سيق مرتبًا حسب الأولوية لما تستحق به الإمامة، فيؤخر ما نص الشارع على تقديمه ويقدم السن والنسب على الهجرة في مخالفة صريحة لحديث أبي مسعود البدري.

ثانيًا: الخشوع لم يذكر من صفات استحقاق الإمامة، فلو كانت كثرة الخشوع من صفات التفاضل لذكر.

ثالثًا: إذا كان التفاضل في الخشوع فليكن هو سبب التفاضل، وليس مبنيًّا على السن الذي هو مظنة الخشوع، فالخشوع عمل القلب، وتفاوت الناس فيه ليس مرده إلى السن، وإنما مرده إلى استحضار عظمة الله، وأن المصلي يقف بين يديه، وإفراغ القلب من الصوارف وتدبر المصلي ما يقرأ، والحرص على النوافل القبلية، فقد يكون الشاب أكثر خشوعًا من الشيخ.

رابعًا: حديث أبي مسعود يدل على أن اعتبار كبر السن ليس من أجل كثرة الخشوع، وإنما مرد ذلك إلى قدم الإسلام، فجاء عند مسلم: (فأقدمهم سنًا)، وفي رواية عنده:


(١) صحيح ابن خزيمة (١٥٠٧).
(٢) كشاف القناع، ط العدل (٣/ ١٨٧)، معونة أولي النهى (٢/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>