للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والحنفية رأوا أن الهجرة قد نسخت، فلم تبق من صفات استحقاق الإمامة (١).

والمالكية لم يذكروا الأقدم هجرة من صفات التفاضل على الإمامة، والحنابلة والشافعية هم من ذكروا التفاضل بالأقدم هجرة، والخطأ الذي وقعوا فيه إنما هو بتقديم السن والنسب على الأقدم هجرة في مخالفة صريحة لحديث أبي مسعود.

والهجرة لم تنقطع بفتح مكة، فما زال في هذا العالم دار كفر ودار إسلام، فالهجرة مشروعة، وإن كانت قد تعقدت في هذا العصر بسبب تحول دار الإسلام إلى دويلات قومية، وصار الناس يفتخرون بالانتساب إلى مسميات لم تعرف في الشريعة، فالمسلمون لم يكن الخطاب لهم في القرآن ولا في السنة بعرقهم فلا يخاطبهم الله يا أيها العرب، ولم يخاطبهم نسبة إلى أماكن إقامتهم، فيخاطب اليماني والعراقي والحجازي والمصري بالمصريين والعراقيين، وإنما يخاطبهم بالمسلمين، وأنهم أمة واحدة عربًا كانوا أم عجمًا، لا فضل لعربي على أعجمي ولا العكس إلا بالتقوى.

الدليل الثاني:

(ح-٣١٨٥) روى مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال: قال رسول الله : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سلمًا … الحديث.

ورواه مسلم، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، عن أبي خالد به، وقال في روايته: فأقدمهم سنًا (٢).

وتابع الأشجَّ كل من معمر والثوري وفضيل بن عياض، وجرير وغيرهم (٣).


(١) قال ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٣٦٨): «لم يذكر الورع في الحديث السابق -يعني حديث أبي مسعود البدري- وإنما ذكر فيه بعد القراءة الهجرة؛ لأنها كانت واجبة في ابتداء الإسلام قبل الفتح، فلما انتسخت بعده أقمنا الورع مقامها».
(٢) صحيح مسلم (٦٧٣).
(٣) مصنف عبد الرزاق، ط التأصيل (٣٩٣٦، ٣٩٣٧)، والمجتبى من سنن النسائي (٧٨٠)،
والسنن الكبرى له (٨٥٧)، المنتقى لابن الجارود، ت الحويني (٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>