أديان مختلفة، فإذا أقيمت الصلاة للحنفية لم يصل معهم من المسلمين الموجودين في الحرم أصحاب المذاهب الأخرى، وخالفوا السنة الصحيحة: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، وحديث:(إذا كبر فكبروا) فلو لم يأت من القول بعدم الصلاة خلاف المخالف في الفروع إلا هذه البدعة لكفى، فالفقه السلفي لا يثمر إلا طيبًا.
الدليل الخامس:
نقل المازري الإجماع في صحة الاقتداء بالمخالف في الفروع الظنية (١).
وقال ابن قدامة: ولأن الصحابة والتابعين، ومن بعدهم لم يزل بعضهم يأتم ببعض، مع اختلافهم في الفروع، فكان ذلك إجماعًا
ويناقش:
بأن الخلاف محفوظ إلا أن يقصد بالإجماع ما إذا كان الإمام يحتاط في موضع الخلاف، أو كان المأموم لا يعلم أن إمامه قد ارتكب ما يراه مفسدًا، والله أعلم.
الدليل السادس:
إذا صح للقادر أن يصلي خلف العاجز صح اقتداء المخالف بالفروع بجامع العذر، فالعذر الشرعي كالعذر الحسي، فالإمام قد سقط عنه شرعًا ما يعتقده المأموم واجبًا عليه، فليس للمأموم أن يجعل الساقط في حقه واجبًا؛ إذ لو كان واجبًا على الإمام لأثم بتركه، وإذا رفع الإثم رفع حكمه وهو المنع.
ورفع الإثم كما يكون بالعجز يكون بالتأويل كالمخالف في الفروع.
جاء في المغني: «قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل صلى بقوم، وعليه جلود الثعالب، فقال: إن كان يلبسه وهو يتأول: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) يصلى خلفه.
قيل له، أفتراه أنت جائزًا؟ قال: لا، نحن لا نراه جائزًا، ولكن إذا كان هو يتأول فلا بأس أن يصلى خلفه. ثم قال أبو عبد الله: لو أن رجلا لم ير الوضوء من الدم لم يصل خلفه؟ ثم
(١) جامع الأمهات (ص: ١١٠)، التوضيح لخليل (١/ ٤٦٧).