للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الإمام مالك بن أنس: «من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئًا لم يكن عليه سلفُها، فقد زعم أن رسول الله خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: .... ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. [المائدة: ٣] فما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم دينًا» (١).

وقال النبي عن الخوارج: إن من ضئضئ هذا قومًا يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد. متفق عليه (٢).

بخلاف المعصية، فإن العاصي مقر بذنبه، لا يتقرب إلى الله بالمعصية، يعترف بتقصيره، ولا ينسب فعله إلى الملة.

(ح-٣٠٨٢) فقد روى البخاري من حديث عمر بن الخطاب أن رجلًا على عهد النبي كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارًا، وكان يُضحِك رسول الله ، وكان النبي قد جلده في الشراب، فأتي به يومًا، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟ فقال النبي : لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله (٣).

لهذا صحت الصلاة خلف الفاسق بالمعاصي، ولا تصح خلف الفاسق بالأهواء لخطورة البدعة على دين الناس.

ومثل هذا التفريق بين البدعة والمعصية من فرق بين الداعية لبدعته وبين غيره، أو فرق بين المجاهر والمستتر، كله يرجع لخطورة هؤلاء في نشر ضلالهم.

ويناقش:

خطورة البدعة ليس موضع خلاف، والقول: إن كل بدعة ضلالة هذا شيء، وبطلان الصلاة بإمامته شيء آخر، خاصة إذا كانت بدعته لا تعلق لها في الصلاة، فمن قال بترك الصلاة خلف الفاسق حمله على ذلك العمل على إنكار المنكر،


(١) الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ٥٨).
(٢) صحيح البخاري (٧٤٣٢)، صحيح مسلم (١٤٤ - ١٠٦٤).
(٣) صحيح البخاري (٦٧٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>