للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: بالتفريق بين أن يكون فسقه بتأويل كالذي يشرب النبيذ، ويتأول أقوال أهل العراق، أو يكون بغير تأويل، فأجازوا الصلاة وراء المتأول، ولم يجيزوها وراء غير المتأول، حكاه ابن رشد، ولم ينسبه (١).

وفي إطلاق الفسق على المجتهد المخطئ فيه نظر كبير، كإطلاق بعض طلبة العلم في عصرنا البدعة على الأقوال المرجوحة في المسائل الخلافية، وهو خطأ بيِّن، لأن كل بدعة ضلالة، وليس قول المجتهد المخطئ من الضلال في شيء، بل له أجر على اجتهاده، ولأنه يلزم منه وقوع الصحابة رضوان الله عليهم في البدعة في مسائل الاجتهاد التي وقع فيها خلاف بينهم، ووقوع الأئمة الأربعة في البدع، بل ووقوع سائر المجتهدين في البدعة؛ لأن ما من مجتهد إلا وله صواب وخطأ، بل ووقوع صاحب هذا القول، إلا أن يدعي العصمة من الخطأ، بل يلزم منه وقوع النبي بالبدعة فيما اجتهد فيه وأخطأ.

ولا يخرج من هذا اللازم بالقول بأن هناك فرقًا بين الحكم على الفعل بأنه بدعة، وبين وصف الفاعل بأنه مبتدع؛ لأنني أقول: إن الشرع نهى عن الوقوع في البدعة، وحذر منها (إياكم ومحدثات الأمور … )، ولم يحذر الشارع من الوقوع في الخطأ إذا أفرغ المجتهد وسعه في طلب الحق.

فخلص لنا خمسة أقوال:

تصح مطلقًا مع الكراهة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.

لا تصح مطلقًا، وهو مذهب الحنابلة.

تصح خلف الفاسق إن كان فسقه لا يتعلق بالصلاة، ولا تصح خلف المبتدع، وهذا مذهب المالكية.

هذه الأقوال المعتمدة في مذاهب الأئمة، وهناك أقوال أخرى ترجحت لبعض المجتهدين منها:

لا تصح خلف المبتدع الداعية دون غيره.


(١) بداية المجتهد (١/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>