للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. هذا لفظ البخاري (١).

وجه الاستدلال:

حديث يزيد بن الأسود جاء فيه: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما الناس وهم يصلون، فصليا معهم، فإنها لكما نافلة)، سبق تخريجه.

فقضى أن الصلاة المعادة نافلة، وحديث أبي سعيد في الصحيحين: نهى عن التطوع بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، فكل صلاة لا يجوز التطوع بعدها، لا ينبغي أن يعيدها مع الإمام؛ لأنها تكون تطوعًا في وقت لا يجوز فيه التطوع، والأحاديث في النهي عن التطوع بعد العصر والصبح قد تواترت فيه الروايات عن رسول الله ، فذلك ناسخ لما لحديث يزيد بن الأسود، وهذا توجيه الحنفية (٢).

• ويجاب:

بأن النسخ هو رفع الحكم، وأنتم لم ترفعوا الحكم بالكلية، فلم تمنعوا إعادة الصلاة بعد الظهر والعشاء لحديث يزيد بن الأسود، وهذا عند جمهور الأصوليين يسمى تخصيصًا، والحديثان بينهما عموم وخصوص.

فحديث يزيد بن الأسود: عام في الأوقات، خاص بالصلاة المعادة إذا صلى فرضه، وأقيمت الصلاة، وهو في المسجد.

وحديث أبي سعيد: (لا صلاة بعد العصر .. ولا صلاة بعد الصبح) عام في الصلوات فيعم كل صلاة، سواء أكانت نفلًا مطلقًا أم كانت من ذوات الأسباب، وخاص في أوقات النهي.

فكان كل واحد منهما عامًّا من وجه، وخاصًّا من وجه آخر.

والخاص مقدم على العام، وهذا لا خلاف فيه، ولكن أي الخاصين يقدم، ويخصص به عموم الآخر؟

فالحنفية قدموا خصوص أوقات النهي فخصوا به عموم (إذا صليتما في رحالكما … فصليا معهم)، فقالوا: لا يعيد إلا الظهر والعشاء؛ لصحة التطوع


(١) صحيح البخاري (٥٨٦)، وصحيح مسلم (٨٢٧).
(٢) انظر: شرح معاني الآثار (١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>