للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم، وهو قاعد. فتلك إحدى عشرة ركعة (١).

فإذا صح عن النبي أنه كان يصلي ركعتين بعد الوتر نفلًا مطلقًا، فأولى بالجواز أن يصلي نفلًا من ذوات الأسباب، كما لو صلى العشاء وأوتر، ثم أقيمت العشاء، وهو في المسجد، فإنه يصلي معه، ولا يضر ذلك وتره.

ولأن حديث: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا)؛ الأمر فيه ليس من باب الوجوب.

ولأن حديث: يزيد بن الأسود مقدم على حديث ابن عمر: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا)؛ لأن العموم في حديث ابن عمر قد دخله التخصيص، كما لو أوتر، ثم دخل المسجد، فإنه مأمور بتحية المسجد، أو خسف القمر بعد أن أوتر، فإنه يصلى صلاة الخسوف، أو طاف بالبيت، بعد أن أوتر، فإنه يركع ركعتي الطواف، فكل ذلك لا ينقض الوتر، والعموم إذا دخله التخصيص ضعف عمومه، بخلاف حديث يزيد بن الأسود: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنهما لكما نافلة) فعمومه محفوظ لم يخصصه شيء، وإذا تعارض عمومان قدم الأقوى منهما.

وقد قال أهل الأصول: العام المحفوظ عن التخصيص مقدم على العام إذا تواردت عليه كثرة المخصصات؛ لأن العام المحفوظ دلالته على العموم أقوى، من العام إذا تواردت عليه المخصصات. قال محمد الأمين الشنقيطي: «وهذا رأي جمهور أهل الأصول، ولم أعلم أحدًا خالف فيه إلا صفي الدين الهندي، والسبكي» (٢).

وبناء عليه إذا صلى العشاء، وأقيمت، وهو في المسجد بعد أن أوتر، فإنه يعيد العشاء، وفعله لا ينقض الوتر، كسائر ذوات الأسباب، والله أعلم.

• دليل من قال: لا يعيد العصر والصبح:

(ح-٢٩٤٠) روى البخاري من طريق صالح بن كيسان.

ومسلم من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن ابن شهاب، أخبرني عطاء بن يزيد الليثي،

أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله يقول: لا صلاة بعد الصبح


(١) صحيح مسلم (١٣٩ - ٧٤٦).
(٢) مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر (ص: ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>