بعدهما، وأما المغرب فخصوها لكونها وتر النهار كما تقدم.
والشافعية ورواية عن أحمد: عكسوا ذلك، فقالوا: تعاد الصلوات كلها في جميع الأوقات بما فيها أوقات النهي، وخصوا به عموم:(لا صلاة بعد العصر، ولا صلاة بعد الصبح).
والقاعدة المقررة في الأصول: أن النصين إذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه، فإن الموقف منهما كالموقف عندما تتعارض الأدلة في الظاهر، فيجب طلب مرجح من خارجهما، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله:
وإن يك العموم من وجه ظهر فالحكم بالترجيح حتمًا معتبر.
• وجه الترجيح عند الحنفية:
أن حديث أبي سعيد فيه النهي عن الصلاة، وحديث يزيد بن الأسود فيه الأمر بالصلاة، ومن طرق الترجيح التي عليها أكثر أهل الأصول: تقديم ما يفيد المنع على ما يفيد الإباحة، حتى صاغ بعض الفقهاء القاعدة التي تقول: إذا اجتمع المبيح والحاضر قدم جانب الحضر.
• ويجاب:
بأن التعارض ليس بين مبيح وحاضر، بل بين حاضر وحاضر، فحديث يزيد بن الأسود قد صدر النبي ﷺ قوله بالنهي قبل الأمر بالصلاة، فقال النبي:(فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنهما لكما نافلة)، فجمع بين النهي والأمر، ولا يفيد الجمع إلا توكيد الامتثال.
• والمرجح عند الشافعية أمور منها:
الأول: أن حديث يزيد بن الأسود وقع في صلاة الصبح، وأمرهما النبي ﷺ بالإعادة، والنهي عن الصلاة بعد الصبح أغلظ من النهي عن الصلاة بعد العصر، ومع ذلك أمر النبي ﷺ أصحابه بإعادة الصلاة في وقت النهي، وهذا نص رافع للنزاع.
الثاني: أن ذلك وقع في حجة الوداع، فكان ذلك قرينة على تأخره عن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح والعصر، فلو كان هناك دعوى نسخ لكان حديث يزيد بن الأسود هو الناسخ لحديث أبي سعيد وليس العكس، وإن كان الدفع