للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هي أحب إليهم من الأولاد، فلما حضرت العصر، قال: صفَّنا صفين، والمشركون بيننا وبين القبلة. قال: فكبر رسول الله وكبرنا، وركع فركعنا، ثم سجد، وسجد معه الصف الأول. فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول، وتقدم الصف الثاني، فقاموا مقام الأول، فكبر رسول الله وكبرنا وركع، فركعنا، ثم سجد وسجد معه الصف الأول، وقام الثاني. فلما سجد الصف الثاني، ثم جلسوا جميعًا سلم عليهم رسول الله . قال أبو الزبير: ثم خص جابر أن قال: كما يصلي أمراؤكم هؤلاء (١).

فلما كان المشركون يتربصون بالمسلمين وقت الصلاة؛ ليصيبوا منهم غِرَّةً، نزل جبريل بهذه الصفة، فكان ذلك من أجل دفع خطر العدو؛ ولأنهم: إما أن يصلوا منفردين، أو يصلوا معًا مجتمعين، أو يصلوا مجموعتين على صفتين بحسب مكان العدو، فتارة يكون العدو في جهة القبلة، وتارة يكون في غير جهتها مما هو معلوم في صفة صلاة الخوف.

فلو صلوا منفردين انشغل كل واحد منهم بنفسه، فلم يُؤْمَنْ العدو عند انشغالهم بالصلاة، مع تفاوتهم في الفراغ منها، ولو صلوا معًا لأدَّى ذلك إلى الظَّفَر بهم، فأمر الله تعالى نبيه أن يصلوا على هذه الصفة من أجل القيام بمصلحة الصلاة والحراسة معًا، فلم يكن الأمر بالصلاة على هذه الصفة دليلًا على وجوب الجماعة.

الوجه الثالث:

لقد شُرعَ للمصلي أن يترك كثيرًا من واجبات الصلاة من أجل إقامتها جماعة حال الخوف؛ كاستدبار القبلة، والعمل الكثير، و مفارقة الإمام قبل السلام، والتخلف عن متابعة الإمام، فدل ذلك على وجوب الجماعة، ولو لم تكن واجبة لم يجز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها؛ لأن الواجب لا يترك إلا لما هو أوجب منه، ولا يترك الواجب لتحصيل سنة (٢)


(١) صحيح مسلم (٣٠٨ - ٨٤٠).
(٢) انظر: المغني ت فضيلة الشيخ عبد الله التركي (٣/ ٥)، الشرح الكبير على المقنع (٤/ ٢٦٧)، المسائل الماردينية (ص: ١٨٥)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>