للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الاستدلال به من وجوه:

الوجه الأول: قوله: ﴿فَلْتَقُمْ﴾ أمر، والأصل في الأمر الوجوب (١).

• ونوقش هذا:

بأن الله لم يقل: وإذا كنت فيهم فأقم لهم الصلاة حتى يكون ذلك أمرًا بإقامتها، وإنما قال: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ … ﴾ وهذا خبر عن أمر يفعله باختياره (٢)، فكأنما قال: إذا كنتم جماعة، وصليتم، فأقم لهم الصلاة على هذه الصفة، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨]، فالأمر بالاستعاذة ليس أمرًا بالقراءة، فالأمر بالقراءة يستفاد من غير هذه الآية.

الوجه الثاني:

أن الله أمرهم بإقامة الصلاة جماعة في حال الخوف، ففي حال الأمن من باب أولى، فلو كانت الجماعة سنة لسقطت بعذر الخوف.

ولو كانت الجماعة فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى، فلما أمرهم بالجماعة مرة أخرى بقوله: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ كان ذلك دليلًا على وجوبها على الأعيان.

• وأجيب:

بأن هذه الصفة من صلاة الخوف، إنما أمروا بها على هذه الصفة ليس مراعاة لإقامة الجماعة حال الخوف، فالخوف عذر تسقط به الجماعة وإن لم يكن عذرًا في سقوط الصلاة؛ وإنما لأن هذه الصفة كانت لدفع تربص المشركين بالصحابة وقت الصلاة.

(ح-٢٧٨٧) ويدل لذلك ما رواه مسلم من طريق زهير، حدثنا أبو الزبير،

عن جابر قال: غزونا مع رسول الله قومًا من جهينة، فقاتلونا قتالًا شديدًا، فلما صلينا الظهر، قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة لاقتطعناهم، فأخبر جبريل رسول الله ذلك، فذكر ذلك لنا رسول الله . قال: وقالوا: إنه ستأتيهم صلاة


(١) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٢٧)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٢/ ٢٧٠)، الأوسط لابن المنذر (٤/ ١٣٤).
(٢) شرح التلقين (٢/ ٧٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>