وانظر القول في مذهب الشافعية: فتح العزيز (٤/ ٢٨٣)، روضة الطالبين (١/ ٣٣٩)، والمهمات للإسنوي (٣/ ٢٨٤)، معالم السنن للخطابي (١/ ١٦٠). قال أحمد كما في مسائل ابنه صالح (٥٧٣): «الصلاة جماعة أخشى أن تكون فريضة، ولو ذهب الناس يجلسون عنها لتعطلت المساجد، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس: من سمع النداء، فلم يجب فلا صلاة له». هذا النص من الإمام أحمد تضمن مسألتين: حكم الجماعة، وحكم كونها في المسجد، والأول صريح أن منزعه في القول بالوجوب الاحتياط، وليس القطع بفرضيتها؛ لأنه عبر بقوله: «أخشى أن تكون فريضة». وأما حكم كونها في المسجد فقط أشار إليه بقوله: «ولو ذهب الناس يجلسون لتعطلت المساجد»، والمشهور من مذهبه: أن إقامتها في المسجد سنة، إلا أن قوله هذا يوافق إحدى الروايتين عنه، وهو القول بوجوبها في المسجد، وكأن منزع هذا القول من باب سد الذرائع، حتى لا يفضي القول بالسنية إلى تعطيل المساجد، والله أعلم. وانظر مذهب الحنابلة في: مسائل أحمد رواية عبد الله (٣٧٨)، مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٤٢٣)، مسائل أبي داود (ص: ٧١)، المغني (٢/ ١٣٠)، معونة أولي النهى (٢/ ٣١٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٥٩). وقال ابن حبان في صحيحه (٣/ ٤٥٦): «في سؤال ابن أم مكتوم النبي ﷺ أن يرخص له في ترك إتيان الجماعات، وقوله ﷺ: (ائتها ولو حبوًا) أعظم الدليل على أن هذا أمر حتم، لا ندب؛ إذ لو كان إتيان الجماعات على من يسمع النداء لها غير فرض لأخبره ﷺ بالرخصة فيه؛ لأن هذا جواب خرج على سؤال بعينه، ومحال أن لا يوجد لغير الفريضة رخصة». (١) فتح الباري لابن رجب (٥/ ٤٥٠). وقال الشافعي في الأم (١/ ١٨٠): « … وإن تخلف أحد صلاها منفردًا لم يكن عليه إعادتها، صلاها قبل صلاة الإمام، أو بعدها إلا صلاة الجمعة، فإن على من صلاها ظهرًا قبل صلاة الإمام إعادتها؛ لأن إتيانها فرض عين والله تعالى أعلم». تفريق الإمام بين الجمعة والجماعة بأن الجمعة فرض عين، مفهومه: أن غير الجمعة ليست فرض عين، وأما الإعادة فليست مترتبة على الوجوب، بل على الشرطية، فالإمام أحمد يرى وجوبها على الأعيان في إحدى الروايتين عنه، ولا يرى وجوب إعادتها إذا صلاها منفردًا.