للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الشافعي: «وأما حديث زيد أنه قرأ عند النبي النجم فلم يسجد، فهو -واللّه أعلم- أن زيداً لم يسجد، وهو القارئ، فلم يسجد النبي، ولم يكن عليه فرضًا، فيأمره النبي به» (١).

وقال الترمذي: «تأول بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما ترك النبي السجود؛ لأن زيد بن ثابت حين قرأ، فلم يسجد لم يسجد النبي .... » (٢).

وقال أبو داود: «كان زيدٌ الإمامَ فلم يسجد فيها» (٣).

قال الطحاوي: «يحتمل أن يكون ترك النبي السجود فيها حينئذ؛ لأنه كان على غير وضوء، فلم يسجد لذلك. ويحتمل أنه تركه؛ لأنه كان في وقت لا يحل فيه السجود، ويحتمل أن يكون تركه؛ لأن الحكم كان عنده في سجود التلاوة، أن من شاء سجد، ومن شاء تركه، ويحتمل أن يكون تركه؛ لأنه لا سجود فيها.

فلما احتمل تركه للسجود كل معنى من هذه المعاني، لم يكن هذا الحديث بمعنى منها أولى من صاحبه إلا بدلالة تدل عليه من غيره» (٤).

فهذه خمسة احتمالات، والقوي منها احتمالان: أن الترك جاء لبيان الجواز، لأن السجود لو كان واجبًا لأمره النبي بالسجود.

أو لأن الترك كان بسبب أن القارئ لم يسجد.

لأن الدلالة على الجواز لا يختلف عليها اثنان، فلولا أن الترك جائز ما ترك السجود زيد، ولأمره النبي بالسجود.

ويحتاج من زعم أن النبي ترك لأن زيدًا لم يسجد إلى دليل؛ لأن شروط العبادة لا تثبت بمجرد الاحتمال، بل لا بد من دلالة صريحة أن هذا قد وضعه الشارع شرطًا لسجود المستمع، وأما الفعل المحتمل لوجوه كثيرة فلا يصح لانتزاع الشرطية منه بأحد وجوه الاحتمالات.


(١) اختلاف الحديث (٤٧).
(٢) سنن الترمذي (٢/ ٤٦٦).
(٣) سنن أبي داود (١٤٠٥).
(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>