التراخي، لأن الأمر بالسجود مطلق عن تعيين الوقت، فتجب في جزء من الوقت غير معين، ويتعين ذلك بتعيينه فعلًا وإنما يتضيق عليه الوجوب في آخر عمره كما في سائر الواجبات الموسعة، ويكره تأخيرها تنزيهًا إلا إذا كان الوقت مكروهًا، وعلى كلا القولين لا يؤخر سجدة التلاوة إلى بعد الفراغ من الصلاة.
الوجه الثاني:
سجدة التلاوة ليست جزءًا من الصلاة، فلو صح أن تقع التلاوة في الصلاة والسجدة بعد الفراغ منها لكان أولى مَنْ يفعلُ ذلك الإمامُ بدلًا من زيادة سجدة أجنبية في الصلاة، فلما كان الإمام إذا تلا آية سجدة سجد مباشرة، ولو أدى ذلك إلى تغيير هيئة الصلاة بزيادة سجود فيها، دل ذلك على أن السجود على الفور، وليس على التراخي.
• دليل من قال: يسجد المأموم لقراءة غير إمامه، ويلزم منه السجود لقراءة نفسه:
هذا القول ضعيف جدًّا، وأتمنى أن أكون واهمًا في نسبته للحنابلة، ولولا أن صاحب الإنصاف ذكره ما عرجت عليه، ولا أعلم له دليلًا أثريًّا، ولا دليلًا نظريًّا يسوِّغ هذا القول، ولا أدري إذا سجد أيستمر مأمومًا عندهم، أم كان هذا اختيارًا منه لمفارقة الإمام من أجل تحصيل السجدة؟
فالقول باستمراره مأمومًا بعيد، وهو قد انفصل عنه بأفعاله.
والقول بجواز مفارقته قول ضعيف، وإذا كان الشافعية لا يبطلون الصلاة بالمفارقة بلا عذر، فذلك لأن الجماعة عندهم سنة مؤكدة، والسنة لا تلزم بالشروع، بخلاف الحنابلة فهم يرون الجماعة واجبة وفي رواية شرطًا، فكيف يدع الواجب لتحصيل سجود التلاوة، وهو سنة لغير المأموم على الصحيح، فلا أدري ما وجه هذا القول، والله أعلم.
• دليل من فرق بين الفرض والنفل:
قد يكون هذا القول مبنيًّا على مقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: أن الجماعة في النفل سنة، كما لو كان يصلي مأمومًا