للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المأموم يتابع إمامه، ولو تغيرت هيئة الصلاة، بأن زاد فيها ما ليس منها، وترك فيها ما هو منها، فكيف يصح القول بأنه يسجد للتلاوة ويدع متابعة إمامه.

الدليل الخامس:

سجود المأموم عن الإمام مفارقة لإمامه؛ لانفصاله عنه في أفعاله، وأكثر العلماء على أنه لا يجوز مفارقة الإمام بلا عذر، فإذا فارق إمامه بطلت صلاته، وتلاوة آية السجدة ليست بعذر عند جمهور العلماء خلافًا للشافعية، حيث كرهوا المفارقة بلا عذر، واعتبروا المفارقة من أجل سجود التلاوة من المفارقة بعذر.

• دليل من قال: يسجد بعد الفراغ من الصلاة:

هذا القول مبني على مسألتين:

المسألة الأولى: أن سبب السجود وهو التلاوة قد تقرر في حق المأموم، والمتابعة مانعة من السجود أثناء الصلاة، وبالفراغ من الصلاة زال العذر.

المسألة الثانية: سجود التلاوة لا يجب عند الحنفية على الفور (١)، فوجود فاصل بين التلاوة والسجدة لا تفوت به السجدة، وعلى تقدير أن الفورية واجبة، فالفاصل اليسير مغتفر، وعلى تقدير أنه طويل فالتراخي كان لعذر المتابعة، ويقبل التأخير من المعذور ما لا يقبل من غيره، فيسجد بعد الفراغ من الصلاة.

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن سجدة التلاوة عند مالك والشافعي وأحمد، ورواية عن أبي حنيفة على الفور، فإن أخر السجود وقصر الفاصل سجد، وإن طال لم يسجد؛ لفوات محله، ولا يقضى السجود، في أصح القولين؛ لأنه يفعل لعارض وقد زال، أشبه الكسوف، ولأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، ولا يوجد أمر بقضاء سجدة التلاوة.

وقال الحنفية: سجدة التلاوة في الصلاة على الفور، فإذا لم يسجد فيها لا يسجد بعدها؛ لأنه وجب كاملًا فلا يتأدى بالناقص، وأما خارج الصلاة فعلى


(١) انظر: تبيين الحقائق (١/ ٢٠٥)، شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٢)، فتح القدير (٢/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>