للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مما سمعه من الصحابة، ويكون معنى قول أبي هريرة: (صلى بنا .... ) أي صلى بالصحابة، وبه قال أكثر أصحاب مالك (١).

وقد صح عن البراء وأنس بن مالك أنهما قالا: ما كل ما نحدثكم سمعناه من رسول الله ، ولكن حدَّثَنا أصحابُنا، وما كنا نكذب، ولا ندري ما الكذب (٢).

فلا يبعد أن يكون أبو هريرة قد حَدَّث بحديث ذي اليدين، وإن لم يشهد الحادثة.

وقد استدلوا على ذلك بأدلة تمت مناقشتها، والجواب عنها في مبطلات الصلاة في المجلد السابق، فارجع إليها دفعًا للتكرار.

وأما الدليل على أن المصلي إذا تكلم عمدًا لإصلاح الصلاة لا يسجد للسهو:

فلأن سجود السهو عُرِفَ جابرًا بالشرع، والشرع إنما ورد في حق الساهي، وهذا كاف في الدلالة على عدم مشروعية سجود السهو إذا تكلم عامدًا، فالعبادات الأصل فيها التوقيف والمنع إلا بدليل.

ولأن غالب من يتكلم عمدًا لإصلاح الصلاة هو المأموم لتنبيه إمامه، والمأموم لا سهو عليه، وقد ذهب المالكية في أحد القولين أن المنفرد لا يباح له الكلام عمدًا لإصلاح صلاته؛ لأن النصوص وردت في إصلاح صلاة الجماعة، فيقتصر على مورد النص، ولأن المنفرد قد أمر بالبناء على اليقين إذا شك في صلاته، فلم يكن مضطرًا إلى الكلام لإصلاح صلاته.

• وجه التفريق بين الإمام والمأموم:

بأن كلام النبي في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وقع سهوًا؛ لاعتقاده إتمام صلاته، وهو دال على أن الكلام سهوًا لا يبطل الصلاة، وسجود المأموم جرى تبعًا لإمامه؛ لأن المأموم ليس عليه سهو، فخرج البحث عن مسألتنا؛ لأن البحث في إباحة الكلام عمدًا لإصلاح الصلاة، فلا دليل في فعل النبي في حديث أبي هريرة على مسألتنا.

وليس للمأموم أن يتكلم محتجًا بكلام أبي بكر وعمر؛ لأنهما تكلما مجيبين


(١) البحر الرائق (٢/ ٣)، البيان والتحصيل (٢/ ٥٢).
(٢) انظر: مسند البزار (١٣/ ٤٨٢)، تفسير الطبري (١٠/ ٥٧٨)، وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>