للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للنبي وإجابته واجبة عليهما.

وليس له أن يتكلم محتجًا بكلام ذي اليدين؛ لأنه تكلم في الصلاة، وهو يظن أن الصلاة ربما تكون قد قصرت في وقت يمكن النسخ، وهذا غير موجود في زماننا، فكلام ذي اليدين يدخل في الكلام جاهلًا أو ساهيًا، فليس داخلًا في مسألة البحث، وسوف يأتي بحث من تكلم في صلاته جاهلًا أو ساهيًا.

نعم لو تكلم المأموم يظن أن الصلاة قد تمت، صحت صلاته كالإمام، ولهذا قال الإمام أحمد كما في رواية أبي طالب: «في إمام سَلَمَ من اثنتين، فسأل، فقال بعضهم: هي اثنتان، وقال بعضهم: هي أربع، فالذين قالوا: اثنتان يعيدون، ومن قال: إنها أربع، وظن أنها أربع، فهم مثل الإمام لا يعيدون، إنما تكلموا في أمر الصلاة، وهم يظنون أنهم أتموا؛ فقد حكم بصحة صلاتهم؛ لاعتقادهم أنهم في غير صلاة (١).

• ونوقش هذا القول:

أما القول بأن أبا بكر وعمر؛ تكلما مجيبين للنبي وإجابته واجبة عليهما.

فالجواب: بأن إجابة النبي لا تتعين بالقول، فيكفي فيها الإيماء خاصة بعد تيقنهم أن النبي قد حصل له السهو حين قال: لم أنس، ولم تقصر.

وعلى تقدير أن الجواب عليهم كان واجبًا فلا يلزم منه الحكم بصحة صلاتهما، كما لو وجب الكلام على المصلي لإنقاذ أعمى من السقوط في حفرة، فإنه يجب عليه أن يكلمه، ويستأنف صلاته.

ولا يصح القول بأن ذا اليدين كان يعتقد أن الصلاة قد قصرت، فلم تبطل صلاته بالكلام؛ لأن ذا اليدين قد تكلم أيضًا بعد قول النبي : لم أنس ولم تقصر، فقال له كما في البخاري: بلى قد نسيت.

وفي مسلم: قال النبي : كل ذلك لم يكن، فقال ذو اليدين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله.

فقد كلمه بعد علمه بعدم النسخ، وكلمه الصحابة، وبنوا معه (٢).


(١) نقلًا من التعليق الكبير لأبي يعلى (١/ ٢٠٦).
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر ت بشار (١/ ٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>